الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

عند ما كان أبي حيا، اتفق معنا على أن نعمل بالتجارة في ماله الخاص، وهو يعمل معنا. واتفق معنا على أن يتم تقسيم الميراث كالآتي: ماله قبل العمل معنا، يقسم على حسب الشرع، والأرباح المتوفرة بعد أصل ماله تقسم كالآتي: نصفها لنا، والنصف الآخر على حسب الشرع، مع العلم أنه كان يعطينا كل شهر فلوسا للمعيشة، وزوجنا من المال، مع العلم أن لنا أختين سترثان كما أوضحت، والوالد زوجهما أيضا من المال، وكان يعطيهما أموالا كهدايا كل سنة، لكن أقل منا، والأختان راضيتان بذلك حتى بعد الوفاة.
هل يجب حساب كل ما أخذنا من والدنا، وحسابه ديونا علينا، وإعطاء الأختين مثله أو نصفه؟ وهل يجوز هذا الاتفاق؟
وإذا كان هذا الاتفاق لا يجوز. فما هو الصحيح حتى لا يعذب الأب بسببنا، مع العلم أن الأختين راضيتان، ومستمرتان بنفس طريقة الحساب في التجارة معنا؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما تركه الميت، يقسم على ورثته، ويأخذ كل منهم نصيبه الشرعي. والربح الحاصل من العمل قبل موته، يقسم وفق عقد العمل بينكم وبينه: فنصف الربح للعاملين في المال، والنصف الآخر يضم للتركة، ويقسم على جميع الورثة.

وبموته ينفسخ العقد السابق لانتقال الحق للورثة.

جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية، والشافعية والحنابلة، إلى انفساخ شركة العقد (بأنواعها) وبطلان الالتزامات الناشئة عنها بموت أحد الشريكين. انتهى.

وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والشركة من العقود الجائزة، تبطل بموت أحد الشريكين. انتهى.

وبناء عليه؛ فالعقد السابق قد انتهى بموت الأب. وإذا قسمت التركة، وأعطي كل ذي حق حقه، فلكم أن تنشئوا عقد شراكة بينكم (الذكور والإناث) على استثمار المال في التجارة أو غيرها، ويتفق في العقد على كيفية تقاسم الربح.

وما كان الوالد يعطيكم إياه من معاش أو هبات كالمساعدة في الزواج وغيره، لا يعتبر دينا عليكم، ولا يلزمكم أن تعطوا البنات مثل ما كان يعطيكم الأب، فقد أعطاهن وزوجهن. وإن كان ما أعطاهن أقل، فقد يكون ذلك بسبب كون حاجتهن أقل.

والعدل في العطية مختلف فيه هل يعطي الأنثى نصف ما يعطي للذكر، أو يساوي بينهما؟ ومهما يكن من أمر، فينبغي لكل أبنائه أن يسامحوه ويحللوه فيما لو كان قد حصل منه تقصير أو تفضيل للبعض. كل منكم يسامحه، ويدعو له بالرحمة والمغفرة، ولا بأس أن يتصدق بعضكم عنه أو جميعكم، فذلك مما يصله وينفعه بإذن الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني