الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نبش القبر لنقل الميت الذي دفن مع غيره ليدفن في قبر بمفرده

السؤال

أخي الأصغر عمره 31 عامًا، توفاه الله منذ 30 يومًا، فدفنه أبي بمقبرة بها جدتي، وعمتي، وفصل بينهما بجدار، عبارة عن ثلاث طوبات فوق بعضها، ارتفاع 21 سم، غير مثبتة بإسمنت، فهل هناك حرمة؟ وإذا كانت نعم، فما الحل؟ وهل يحوز بناء جدار داخل المقبرة لوجود الرفات؟ وهل بجوز إخراجه؛ ليقوم أبي بالبناء، أم يعد انتهاكًا لحرمة المتوفى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل في الدفن أن يكون لكل ميت قبر، والسنة أن يكون لحدًا، ولا يجمع بين أكثر من ميت في قبر واحد، ولا سيما إذا اختلف الجنس، إلا عند الضرورة، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز نبش القبر، لنقل الميت الذي دفن مع غيره في قبر واحد، ليدفن في قبر بمفرده، فقد جاء في كشاف القناع عن متن الإقناع: ويجوز نقله [الميت] لبقعة خير من بقعته، كنبشه لإفراده عمن دفن معه. انتهى. ومحل جواز نبش القبر، إذا لم يكن الميت قد تغير.

أمّا إذا مضى على دفنه زمن يتغير فيه، ولم يصر ترابًا، فلا يجوز نبش القبر، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فأما إن تغير الميت، لم ينبش بحال. انتهى.

لكن ننبه إلى أنّ الواقع في بعض المدن والقرى المصرية، أنّ دفن الميت في لحد، وإفراد كل ميت بقبر، متعذر، بسبب رخاوة الأرض، وكثرة المياه الجوفية، وفي بعضها يتعذر على غير الأغنياء، إفراد كل ميت بقبر؛ بسبب غلاء ثمن الأرض.

وفي مثل هذه الأحوال؛ يجوز الدفن في الغرف المبنية على الأرض، والجمع بين أكثر من ميت فيها، باعتبار هذه الحال ضرورة، إذا قدرت بقدرها، جاء في حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح: "ويكره الدفن في الفساقي" من وجوه: الأول: عدم اللحد. الثاني: دفن الجماعة لغير ضرورة. الثالث: اختلاط الرجال بالنساء من غير حاجز، كما هو الواقع في كثير منها. الرابع: تجصيصها، والبناء عليها. قاله السيد، إلا أن في نحو قرافة مصر لا يتأتى اللحد، ودفن الجماعة؛ لتحقق الضرورة. وأما البناء، فقد تقدم الاختلاف فيه. وأما الاختلاط، فللضرورة، فإذا فعل الحاجز بين الأموات، فلا كراهة. انتهى.

وجاء في فتاوى دار الإفتاء المصرية: من السيد/ بالطلب المقيد برقم: 716 سنة 1963 المتضمن أن السائل بنى مقبرة على أن يدفن فيها الرجال والنساء من أهله، وقد أفاد البعض منهم أن دفن الرجال مع النساء لا يجوز. وأنه فقير لا يستطيع بناء مقبرة ثانية حتى يخصص واحدة للرجال وواحدة للنساء. وطلب بيان الحكم الشرعي فيما لو دفن الرجال والنساء في هذه المقبرة:

الجواب المنصوص عليه شرعًا أن الميت يدفن في قبره لحدًا، إن كانت الأرض صلبة، وشقًّا إن كانت رخوة.

ولا يدفن معه غيره، إلا عند الضرورة، كضيق المقابر مثلًا، فإنه يجوز دفن أكثر من واحد في مقبرة واحدة، على أن يدفن الرجل الأكبر من جهة القبلة، ثم يليه الأصغر، ويقدم الرجال على النساء، ويحال بينهما بالتراب، ولا يكفي الكفن في الحيلولة.

وعلى ذلك؛ فإنه يجوز دفن الرجال والنساء في مقبرة السائل للضرورة التي هي عجزه عن بناء مقبرة أخرى للنساء بالطريق المشروحة، بشرط أن يجعل بين كل ميت حائلًا من التراب. انتهى.

وعليه، فالذي نراه في الحال المسؤول عنها عدم نبش القبر.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني