الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإنكار على كل من تراه يحلق لحيته... رؤية شرعية

السؤال

أنا الآن أعاني من مشكلة عظيمة في حياتي، وهي الإنكار على حالق اللحية، فكم شخصًا حليقًا أرى في المسجد يوميًّا -ربما أرى في اليوم 30 شخصًا-، وأنا لا أعرف ضابط الحرج الذي يسقط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن هناك مواقف لا أعرف أفيها مشقة أم لا، فإذا كنت راكبًا في السيارة ورأيت شخصًا حليقًا يمشي، فهل أنزل من السيارة أم إن في ذلك مشقة؟ وأحيانًا أعتمد في الضابط على ما أجد في نفسي من ضيق في الذهاب للإنكار، فهل هذا صحيح؟ أرجوكم أنقذوني؛ فأنا ربما أذنب كثيرًا، إذا كان عدم إنكاري فورًا سيكتب ذنب عليّ.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن حلق اللحية خلاف السنة، وهو محرم عند جمهور العلماء.

وإنكارك على فاعله فعل حسن تثاب عليه، لكن وجوب ذلك مقيد بالاستطاعة، وعدم حصول الحرج، والمشقة الكبيرة.

وعليه؛ فلا يلزمك الإنكار كلما رأيت من يحلق لحيته، أو مر بك؛ لما فيه من الحرج، والضيق، والمشقة، والأمر إذا ضاق اتسع.

وقد نص الفقهاء على أنه إذا انتشر المنكر، بحيث يصعب إنكاره -كما هو الحال في الأسواق، ونحوها- سقط وجوب الإنكار؛ لمكان الحرج، والمشقة، والضيق.

قال الشيخ ابن عثيمين في اللقاء الشهري: لا يمكن للإنسان أن ينكر كلما يشاهده في السوق مع كثرة المنكرات، لو أنه فعل ذلك ما خطا خطوةً، أو خطوتين؛ لأنه سيجد من حلق لحيته، وسيجد من يشرب الدخان، وسيجد امرأة متبرجة، وسيجد رجلًا أسبل ثيابه، يقف مع كل واحد؟! مشكلة، هذا لا يجب، وربما يكون أضحوكةً للناس إذا فعل هذا، لكن من الممكن من حين لآخر أن يمسك رجلًا يرى أنه أقرب للقبول، ويسر إليه بأن هذا العمل الذي أنت تعمله حرام، ولا يجوز، وقد قال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، وقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]. اهـ
وراجع الفتويين: 383455، 180123.

فهوّن عليك، فالخطب سهل -إن شاء الله-، وأنكر كلما تيسر لك الإنكار، فإذا كان ثم حرج، أو ضيق، زال عنك الوجوب؛ لما ذكرنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني