الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم عمل المرأة بشرط عدم ارتداء الجلباب والعباءة

السؤال

أنا مهندسة اتصالات، وعملي في الغالب مع الرجال، ويشترط في عملي عدم ارتداء الجلباب والعباءة، وأنا أرتدي حاليًا التنانير والفساتين، أو البلايز الطويلة. فهل كسب رزقي فيه حرام بهذه الطريقة، وعليّ تركه بأقرب وقت؟ مع العلم أني لا أستطيع تركه هذه الفترة لتوقف التوظيف في الشركة هذه الفترة، ولا يوجد أحد يأخذ مكاني. وما هي شروط عمل المرأة؟ وإذا كان حراماً، فما سبب التحريم؟ وهل هناك دليل في الكتاب أو السنة بالنسبة لزوجات النبي هل كن يعملن؟ وما المطلوب مني عمله؟ فأنا لا أرغب بالعيش وكسب الحرام.
الرجاء إفادتي، فأفكر كثيرًا بالموضوع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج في أن تمارس المرأة عملاً مباحًا تتكسب منه، وإن اقتضى عملها الخروج من بيتها، وجب عليها أن تلتزم الضوابط الشرعية في ذلك، وإن مارست عملها من بيتها، فذلك أصون لها، كما كانت تعمل أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها، فعن عائشة أم المؤمنين، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسرعكن لحاقاً بي، أطولكن يداً، قالت: فكن يتطاولن أيتهن أطول يدًا، فكانت أطولنا يدًا زينب؛ لأنها كانت تعمل بيدها وتَصَدَّق. رواه البخاري ومسلم.

قال ابن العراقي في طرح التثريب: كانت زينب - رضي الله عنها - تعمل بيدها عمل النساء من الغزل والنسج وغير ذلك مما جرت عادة النساء بعمله والتكسب به، وكانت تتصدق بذلك وتصل به ذوي رحمها، وهي التي كانت أطولهن يدًا بالعمل والصدقة. اهـ. وراجعي في مجالات عمل النساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، الفتوى: 10021.

والمقصود أن مجرد عمل المرأة ليس محلاً للبحث، وإنما البحث في ضوابط هذا العمل، وما يكتنفه من محاذير شرعية ينبغي تجنبها إذا خرجت المرأة لأجله من بيتها.

ويتعلق بذلك مما ذكرته الأخت السائلة أمران:
- الأول: الحجاب، فيجب على المرأة إذا كانت على مرأى من الرجال الأجانب أن تتحجب الحجاب الشرعي الذي أمر الله به، وذلك باستيفاء شروطه التي سبق ذكرها في الفتوى: 6745.

فلتنظر السائلة في مدى توفر هذه الشروط في ملابسها التي قالت عنها: (أرتدي حاليا التنانير والفساتين أو البلايز الطويلة)! وأغلب الظن أنها لا تتوفر فيها كامل هذه الشروط، ويؤكد ذلك قولها: (يشترط في عملي عدم ارتداء الجلباب والعباءة)!!
- والثاني: الاختلاط بالرجال، حيث تقول السائلة: (عملي في الغالب مع الرجال). والأصل في الاختلاط المنع والحظر، سواء على وجه التحريم أو الكراهة بحسب الحال؛ لأنه ذريعة للفساد، وقد سبق لنا تفصيل ذلك في الفتوى: 118479.

وعلى ذلك، فعمل المرأة في الأماكن المختلطة على الوجه المعهود في عصرنا لا يخلو من إشكال، حتى يمكن القول بأنه لا يجوز إلا إذا مست إليه حاجة المرأة، ولم تجد عنه بديلًا، ويجب عليها حينئذ أن تلتزم بالضوابط الشرعية في خروجها وفي معاملة الرجال، والتي سبق أن ذكرناها في الفتوى: 3859.

وأخيرًا: ننبه على أن حكم عمل المرأة من حيث الحل والحرمة، لا يرتبط بالضرورة بحكم المال الذي تكتسبه من عملها، فمجال عملها إن كان مباحًا، كان المال المكتسب منه مباحًا، ولكن إن قصرت في توفير الضوابط الشرعية في خروجها لهذا العمل – كأن تخرج متبرجة، أو تخالط الرجال على وجه مشين – فتأثم لذلك وإن كان المال حلالًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني