الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم السخرية من اللحية

السؤال

أعرف شخصا معرفة جيدة يقول: عندي أب يستهزئ باللحية بتشبيهها بشعر العانة، ويقوم بالاستهزاء بالثوب القصير، ويرفع ثوبه رفعًا مبالغًا فيه على سبيل الاستهزاء، ويقول الابن: دائما أريه ماذا يقول الشيخ ابن باز، وأقيم عليه الدليل والحجة فيستغفر أمامنا، ولا يظهر عليه أي علامة ندم، وشروط التوبة، والدليل على ذلك أنه يعود لفعله القبيح كثيرا، وللأسف فإن عليه طامات كثيرة، ويقول الابن تعبت من أبي نفسيًا وأبكي كثيًرا لأجله، لأني لا أريد أن يدخل النار، ويسأل: كيف أتعامل معه؟ وهل يجوز السلام عليه ومعايدته، وليس شرطًا هذا الأب بل أي شخص يفعل مثل هذا الفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة، والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهناك فرق بين الاستهزاء باللحية لكونها من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه - وكذا غيرها من الأحكام - وبين الاستهزاء بالأشخاص الملتحين أنفسهم.

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل من يستهزئ بالدين بأن يسخر من اللحية، أو من تقصير الثياب، هل يعد ذلك من الكفر؟ فأجاب: هذا يختلف إذا كان قصده الاستهزاء بالدين، فهي ردة، كما قال تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ. أما إذا كان يستهزئ من الشخص نفسه بأسباب أخرى، من جهة اللحية، أو من جهة تقصير الثياب، ويعني بذلك أنه متزمت، وأن يستهزئ بأمور أخرى يشدد في هذا، أو يتساهل في أمور أخرى يعلم أنه جاء بها الدين، وليس قصده الاستهزاء بالدين، بل يقصد استهزاءه بالشخص بتقصيره لثوبه، أو لأسباب أخرى، أما إذا كان قصده الاستهزاء بالدين، والتنقص للدين، فيكون ردة، نسأل الله العافية. فسئل: إن كان يقول: أنا أقول ذلك للناس من باب الضحك والمزاح؟ فأجاب: هذا لا يجوز، وهذا منكر وصاحبه على خطر، وإن كان قصده الاستهزاء بالدين يكون كفرا. انتهى.

وإذا علمت هذا فالحكم بالكفر مرده إلى أهل العلم الذين يتحققون من قيام الحجة وزوال الشبهة.

وبكل حال فهذا الشخص تجب دعوته ومناصحته، وأن يبين له خطر ما يفعله، وأن يستمر الشخص في ذلك ولا يمل من دعوته إلى الله تعالى وإلى الاستقامة، وإن كان والداً فليتبع معه الأسلوب الأمثل في دعوة الوالدين من اللين والرفق وخفض الجناح لهما واستمالتهما بكل ممكن، فإن تاب فالحمد لله، وإن أصر فقد أعذر الشخص إلى ربه بما يقدر عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني