الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستدلال بالقرآن العظيم على الأمور التاريخية

السؤال

أنا دارس للتاريخ والحضارات القديمة، ونتعرض لبعض الأمور التي لم يوضحها القرآن؛ لعدم جوهريتها في الدِّين، مثل تحديد اسم فرعون موسى، أو مكان كهف أهل الكهف، وأمور أخرى، لكننا نتعرض للقرآن كمصدر لبعض القرائن التاريخية، ونربط بينها وبين بعض القرائن الأثرية الموجودة؛ بغرض فتح آفاق علمية جديدة لفائدة علوم التاريخ، وأكرر لفائدة التاريخ، وليس الدِّين؛ لأن الدين كامل، وهذه أمور غير جوهرية بالنسبة للدِّين، ولكنها قد تكون مثرية للتاريخ، فهل هذا علم لا ينفع، أم لا يجوز عمل ذلك؟ رغم أننا لا نتعرض لأيّ نقد للدِّين، بل إن مثل هذا يثبت دائمًا عظمة القرآن في النهاية، ويرتبط بهذا بعض مظاهر الإعجاز العلمي المطابقة لآيات في القرآن، ونحن نعلم أن هذا ليس اختصاص القرآن، لكنا نعلم أيضًا أن تفسير القرآن تم بإمكانات العصور المختلفة، لكن تغير بعض تفسيره في آيات علمية بعيدة عن العقيدة، وعن جوهر الدين، لن يضر، بل يدعم الدِّين، مثل آيات: (والنجم إذا هوى) أو (الجوار الكنس)، فأرجو معرفة رأيكم في هذا الأمر، كما أوضحته، من حيث فتح آفاق جديدة في العلوم التاريخية خاصة، من خلال دلائل من القرآن، دون التعرض للنصّ أو للدِّين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنلخص الكلام عن ما سألت عنه في نقاط:

1- القرآن العظيم هو كتاب نور، ورحمة، أنزله الله هداية لعباده إليه سبحانه؛ ليعرفهم به سبحانه، وبالسبيل الموصلة إلى رضوانه، وليس القرآن الكريم بالأساس كتاب تاريخ، أو جغرافيا، أو فلك، أو طب، وقد يذكر فيه شيء من ذلك للعلم، والاعتبار، أو للعمل فيما ينبني عليه عمل، ومن ذلك ما ذكر فيه من قصص الأمم السابقة وتاريخها، والأحداث الكونية، بعضها بالتفصيل والتصريح، وبعضها بالإشارة والتلويح، كل ذلك فهو حق، يجب الإيمان به، والتصديق بمضمونه، لكن الخطأ الجسيم الذي يقع فيه كثيرون هو تكلف التنقير عما يُزعم أنه دلالات قرآنية في قضايا التاريخ، أو غيرها؛ بدعوى الإعجاز العلمي، أو السبق القرآني، أو نحو ذلك من الدعاوى العريضة التي يتبناها بعض المعاصرين بحسن نية أحيانًا.

2- لا مانع من الاستدلال بالقرآن العظيم على الأمور التاريخية التي أشرت لها، لكن لا بد من أن يكون التفسير منضبطًا بضوابط التفسير المعروفة، لا بالخواطر، والآراء المجردة، وقد سبق أن فصلنا القول حول ضوابط قبول التفاسير المعاصرة، فانظرها في الفتوى: 401704.

وتجب مراعاة مراتب الأقوال في التفسير، فما كان تفسيرًا مظنونًا محتملًا، لا يصح عرضه على أنه قول قطعي مجزوم به.

وما كان تفسيرا إشاريًّا، لا يصح عرضه على أنه تفسير بصريح المعنى، وهكذا.

3- إن الكلام في معاني القرآن العظيم، وتفسير آياته، مقام عظيم، وليس كلأً مباحًا لكل أحد، فينبغي العلم بخطر شأن الكلام في القرآن الكريم بلا علم، وأن من قال في القرآن برأيه المجرد، فهو خاطئ آثم، وراجع في هذا الفتويين: 339970، 319894.

وراجع أيضًا حول قضية الإعجاز العلمي الفتوى: 375538، وراجع للفائدة الفتوى: 60664.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني