الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن تؤذيها جاراتها

السؤال

زوجة أخي زوجي التي تسكن فوقي، تؤذيني بتصرفاتها، فهي في كل مرة تسمعني أتكلم، أو تراني أصعد السطح، تغلق بابها بقوة في وجهي، متعمدة استفزازي، فهي تفتعل المشاكل دائمًا على أتفه الأسباب، حتى على شجار الأطفال تقول: أولادك فعلوا كذا وكذا، ومرة انتظرتني وأنا أنزل من السطح، وفتحت باب منزلها، ثم أغلقته مباشرة في وجهي؛ لتستفزني، فدخلت عندها، وقلت لها: اكسريه، فالضرب عليه لا ينفعه؛ فراحت تشتكيني وتبكي، وتقول: إني اعتديت عليها في بيتها، ودخلت عليها دون إذن، وذهبت تستفتي الشيوخ، وترسل ملصقات في مواقع التواصل؛ لتشهّر بي، وأني لا أصلح.
أنا امرأة ملتزمة -والحمد لله-، ولكني أعاني من الضغط النفسي بسبب هذه المرأة، فهي تريد أن تظهر للجميع أني لا أصلح، علمًا أنها متحالفة مع زوجة الأخ الثانية ضدّي، والتي بدورها سبّتني بأني قليلة التربية، علمًا أنه لم يكن لديّ أي مشكلة معها أبدًا، وهما تتحالفان ضدّي لأكون أنا السيئة وهما الخيّرتان أمام العائلة.
أحاول تجاهلها دائمًا، لكنها تستفزّني بطرق صبيانية، وتحرّض أولادها عليّ، وأنا أعاني من الضغط النفسي بسببها، فكيف أتّقي شرها؟ فقد أتعبتني في حياتي، وتريد من زوجها أن يغيّر لها المنزل، ولكنه لا يريد، فراحت تفتعل المشاكل، وتخبره أني أنا سبب مشاكلها؛ كي يخرجها من المنزل، وهذا لا يهمني. أريد نصائح للتعامل معها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن أذية المسلم من الأمور المحرمة التي يجب الابتعاد عنها، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أذية المسلم، واحتقاره، فقال: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر. رواه الشيخان.

وقد عدَّ القرآن الكريم أذية المسلم من غير سبب من أشد أنواع البهتان، والإثم، فقال سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58}.

وعلى هذا؛ فالواجب على زوجتي أخوي زوجك أن تتقيا الله تعالى فيك، وتكفّا عن أذيتك، والإساءة إليك؛ لأن ذلك يخالف الدِّين، والخُلُق الكريم تجاه من ترتبط معهما برابطة الإسلام، والجيرة، والمصاهرة.

أما أنت -أيتها الأخت- فهوِّني عليك، والزمي الصبر على ما يصدر منهما.

وإياك أن تقابلي إساءتهما بالمثل، بل قابلي ذلك بالتي هي أحسن؛ طلبًا للأجر من الله تعالى، ثم إرضاء لزوجك، وحفاظًا على علاقته بأخويه، وأسرته عمومًا من الشقاق، والتصدع، والتفكك.

ومن هنا ندعوك إلى فتح باب التواصل معهما بالكلام الطيب، وبالبشاشة، وبتبادل الزيارات بينكنّ -إن أمكن ذلك-، وخاصة في مناسبات الأفراح والأتراح.

وإن استطعت أن تجمعي مع ذلك تقديم بعض الهدايا لهما؛ فذلك حسن وخير؛ وذلك لأن الهدايا تفتح القلوب، وتذيب الحقد والضغائن؛ لما روى البخاري في الأدب المفرد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تهادوا؛ تحابوا.

وإن وجدت أن ذلك كله لا يجدي، فعليك بالصبر، وكف الأذى عنهما، والتزام بيتك، والإقبال على عبادة ربك، وإصلاح شؤونك وشؤون زوجك وأولادك، ولن يضرك أذاهما -إن شاء الله تعالى-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني