الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حضر الخطيئة فكرهها قلبه كان كمن لم يشهدها

السؤال

أنا في الجامعة، وللأسف وُضِعت مع فصل به أناس غير صالحين إطلاقا. يستهزئون بلحية شخص معنا، ويشبهونها بشعر المؤخرة والغائط-. ويقول أحدهم: سأذهب للمدرسين وأعبدهم قليلا، وغير ذلك من الطامات الكبيرة.
سؤالي هو: أنا معهم في قروب (مجموعة في الواتس أب)، وهذا القروب يرسل قائد الدفعة (للأسف هو ضمن هذه المجموعة غير الصالحين) الذي معنا في نفس الفصل أشياء مهمة؛ مثل كتب الجامعة، والخطط الدراسية، والواجبات، وجميع الأشياء المهمة التي من هذا القبيل. والمشكلة في نفس هذا القروب يرسلون أحيانا طامات مثل التي في أول السؤال. فأنا لا أريد أن أقع في الإثم بجلوسي معهم في القروب، أو الفصل، وإن خرجت ستفوتني أشياء مهمة جدا، تخص الدراسة، وربما أُحرَم من الدراسة بسبب غياباتي عن الفصل. فهل بإنكاري بقلبي، وحذف الرسائل التي يرسلونها مع بقائي في القروب؛ أكون بذلك سالما من الإثم؟
أرجو سرعة الرد؛ لأن ضميري يتعذب كل يوم. مع العلم بأني أناصحهم أحيانا فرادى، ولكن أُقابَل بالإساءة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا نرى أنك تأثم بالبقاء في هذه المجموعة، والحال كما ذُكِر في السؤال. وهذا ليس لكونك تنكر بالقلب، وتحذف الرسائل السيئة فقط، بل لكونك ناصحتهم فرادى، فقمت بالواجب عليك من بذل النصح لهم، فعرفوا بذلك إنكارك لمنكرهم، وأنك لا تقرهم عليه، فبرئت بذلك ذمتك. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة: أنكرها - كان كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها. رواه أبو داود، وحسنه الألباني.

قال القاري في المرقاة: المعنى من حضرها فكرهها، أي فأنكرها ولو بقلبه كان كمن غاب عنها أي ولم يعلم بها، ومن غاب عنها أي وعلم بها فرضيها، أي فرضي بها واستحسنها كان كمن شهدها أي ولم ينكرها. انتهى.

وقال ابن رجب في (جامع العلوم والحكم): من شهد الخطيئة فكرهها قلبه كان كمن لم يشهدها إذا عجز عن إنكارها بلسانه ويده، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها وقدر على إنكارها ولم ينكرها؛ لأن الرضا بالخطايا من أقبح المحرمات، ويفوت به إنكار الخطيئة بالقلب، وهو فرض على كل مسلم لا يسقط عن أحد في حال من الأحوال. وخرج ابن أبي الدنيا من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من حضر معصية فكرهها، فكأنه غاب عنها، ومن غاب عنها فأحبها، فكأنه حضرها» وهذا مثل الذي قبله. فتبين بهذا أن الإنكار بالقلب فرض على كل مسلم في كل حال، وأما الإنكار باليد واللسان فبحسب القدرة. اهـ.

وانظر للفائدة الفتوى: 209785.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني