الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل اقتص سيدنا آدم -عليه السلام- من ابنه القاتل؟ أم أن عقوبة القصاص وقتها كانت مختلفة عما هي عليه بشريعتنا اليوم؟ وهل تزوج الأخ القاتل من أخته التي كان من المقرر أن يتزوج بها شقيقه المقتول؟ أم منعه أبوه آدم -عليه السلام-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم يرد في القرآن، ولا في السنة الصحيحة شيء عن مصير الذي قتل أخاه بعد قتله إياه، ومن ثم اختلفت الأقوال في ذلك بناء على اختلاف المتلقي عن بني إسرائيل، وكل تلك الأقوال من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب.

ومما قيل في حاله بعد قتل أخيه ما ذكره القرطبي: ثم إن قابيل كان على ذروة جبل، فَنَطَحَهُ ثَوْرٌ فَوَقَعَ إِلَى السَّفْحِ، وَقَدْ تَفَرَّقَتْ عُرُوقُهُ. وَيُقَالُ: دَعَا عَلَيْهِ آدَمُ، فَانْخَسَفَتْ بِهِ الْأَرْضُ. وَيُقَالُ: إِنَّ قَابِيلَ اسْتَوْحَشَ بَعْدَ قَتْلِ هَابِيلَ وَلَزِمَ الْبَرِّيَّةَ، وَكَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَا يَأْكُلُهُ إِلَّا مِنَ الْوَحْشِ، فَكَانَ إِذَا ظَفِرَ بِهِ وَقَذَهُ حَتَّى يَمُوتَ ثُمَّ يَأْكُلُهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَكَانَتِ الْمَوْقُوذَةُ حَرَامًا مِنْ لَدُنْ قَابِيلَ بْنِ آدَمَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يُسَاقُ مِنَ الْآدَمِيِّينَ إِلَى النَّارِ. وقال في موضع آخر: ثُمَّ إِنَّهُ هَرَبَ إِلَى أَرْضِ عَدَنٍ مِنَ الْيَمَنِ، فَأَتَاهُ إِبْلِيسُ وَقَالَ: إِنَّمَا أَكَلَتِ النَّارُ قُرْبَانَ أَخِيكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْبُدُ النَّارَ، فَانْصِبْ أَنْتَ أَيْضًا نَارًا تَكُونُ لَكَ وَلِعَقِبِكَ، فَبَنَى بَيْتَ نَارٍ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَبَدَ النَّارَ فِيمَا قِيلَ. انتهى

وكل ذلك ليس عليه أثارة من علم، فلا يجزم بصحة شيء من ذلك.

وأما قصة التزوج فهي أيضا من الإسرائيليات، وكونها سببا لقتل أحد الأخوين الآخر قد ذكر عن بعض السلف، لكن الذي في القرآن أنه إنما قتله لكون قربان أخيه تقبل، ولم يتقبل قربانه، فحسده على ذلك، ومن ثم قتله.

والسلامة في الوقوف مع ظاهر القرآن، وعدم الخوض فيما لا سبيل إلى القطع بشيء منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني