الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إنفاق الوالد من مال ولده على إخوته المحتاجين

السؤال

أخي الصغير من أبي، يستلم معاشًا تقاعديًّا من راتب أخي المتوفى لأبي، فهل لأبي الحق في أخذ ماله، والقيام بشؤونه، كتعليم، ورعاية صحية، وتوفير الطعام والشراب، والملبس له، ولإخوانه على حد سواء؟ علمًا أن أبي ليس له مرتب عال، بل راتبه متدن، ومحتاج للمال.
وإذا كانت الإجابة بالإباحة، فما هي الأدلة؟ وإذا كانت الإجابة بعدم الإباحة، فما هي الأدلة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فللأب ولاية على مال ولده الصغير؛ لقوله تعالى: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا [النساء:5]، وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: واتفقوا على أحقية الأب في الولاية على مال الصغير، أو المجنون، أو السفيه من أولاده. انتهى.

وعليه؛ فإن كان أخوك صغيرًا دون البلوغ، فإنّ والدك يلي ماله، وينفق عليه منه بالمعروف.

وإذا كان أبوك محتاجًا للمال لحاجاته الأصلية؛ فله أن يأخذ من مال ولده الزائد عن حاجته، فإنّ نفقة الوالد الفقير تجب على ولده الموسر؛ لقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23]، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ومن الإحسان: الإنفاق عليهما عند حاجتهما. ومن السنة: «قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه. وروت عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه». رواه أبو داود. وأما الإجماع، فحكى ابن المنذر قال: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما، ولا مال، واجبة في مال الولد. انتهى.

وكون الولد صغيرًا، لا يمنع وجوب نفقة الوالد في ماله، قال ابن قدامة -رحمه الله- في الكافي: ولا يشترط البلوغ، ولا العقل فيمن تجب النفقة عليه، بل يجب على الصبي والمجنون نفقة قريبهما، إن كانا موسرين؛ لأنها من الحقوق المالية. انتهى.

أمّا إنفاق الوالد من مال ولده على إخوته المحتاجين؛ فالجمهور على عدم جواز ذلك، وبعض أهل العلم يرى لزوم نفقة الأخ على أخيه الفقير، ولو كان محجوبًا، وهو قول وجيه، كما بينا ذلك في الفتوى: 126804.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني