الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طرائق علماء التجويد في صفة التكرير في حرف الراء

السؤال

ما حكم نطق الراء دون أن يهتز اللسان، أي دون أن يحدث للراء تكرير؟
هل إذا قرأت إحدى كلمات الفاتحة التي فيها حرف الراء بدون تكرير، ولم أعدها؛ تبطل قراءتها في الصلاة، ومن ثم تبطل الصلاة؟
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف علماء التجويد في صفة التكرير في حرف الراء على طرائق ثلاثة، فمنهم من يرفض التكرير فيها، ويقول بأن هذه الصفة تعرف لتجتنب لا ليعمل بها عكس باقي الصفات. ويرى أن معنى وصف الراء بالتكرير أنها قابلة له، وليس المراد منه الإتيان به.

وذهب جماعة إلى القول بتكرير الراء، وحجتهم أن التكرير صفة لازمة للراء؛ لأن الواقف إذا وقف عليه وجد طرف اللسان يتعثر بما فيه معنى التكرير، وذلك يعد في الإمالة بحرفين، والحركة فيه تنزل منزلة حركتين.

والمذهب الثالث أن التكرير صفة ملازمة لحرف الراء تأتي معه عند النطق به، ولا سبيل للتخلص منها، ولكن يجب التحرز من الزيادة فيها، وليس المقصود بإخفاء التكرير انعدامه بالكلية.

قال ابن الجزري في النشر: وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ حَقِيقَةَ التَّكْرِيرِ تَرْعِيدُ اللِّسَانِ بِهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، فَأُظْهِرَ ذَلِكَ حَالَ تَشْدِيدِهَا كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ، وَالصَّوَابُ التَّحَفُّظُ مِنْ ذَلِكَ بِإِخْفَاءِ تَكْرِيرِهَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ. وَقَدْ يُبَالِغُ قَوْمٌ فِي إِخْفَاءِ تَكْرِيرِهَا مُشَدَّدَةً فَيَأْتِي بِهَا مُحَصْرَمَةً شَبِيهَةً بِالطَّاءِ، وَذَلِكَ خَطَأٌ لَا يَجُوزُ، فَيَجِبُ أَنْ يَلْفِظَ بِهَا مُشَدَّدَةً تَشْدِيدًا يَنْبُو بِهَا اللِّسَانُ نَبْوَةً وَاحِدَةً وَارْتِفَاعًا وَاحِدًا مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ فِي الْحَصْرِ وَالْعُسْرِ نَحْوَ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَخَرَّ مُوسَى، وَلْيَحْتَرِزْ حَالَ تَرْقِيقِهَا مِنْ نُحُولِهَا نُحُولًا يُذْهِبُ أَثَرَهَا، وَيَنْقُلُ لَفْظَهَا عَنْ مَخْرَجِهَا كَمَا يُعَانِيهِ بَعْضُ الْغَافِلِينَ. انتهى.

وقال المرادي في المفيد في شرح عمدة المجيد في النظم والتجويد: والتكرار صفة الراء؛ لارتعاد طرف اللسان عند النطق به، وأظهر ما يكون في المشدّد. وظاهر مذهب سيبويه أنّ التكرار صفة ذاتية للراء، وإليه ذهب شريح.

وذهب قوم إلى أنّها لا تكرير فيها؛ لأنّها قابلة له، وإليه ذهب مكّي. قال : واجب على القارئ أن يخفي تكريره، ومتّى أظهره فقد جعل من الحرف المشدّد حروفاً، ومن المخفف حرفين.

وقال شريح: ذهب قوم من أهل الأداء إلى أنّه لا تكرير فيها مع تشديدها، وذلك لم يؤخذ علينا، غير أنّا لا نقول بالإسراف فيه. وأمّا ذهاب التكرار جملة فلم نعلم أحداً من المحققين بالعربية ذكر أنّ تكريرها يسقط بحال. انتهى.

والقول الأخير هو الذي عليه أغلب أهل الأداء، وهو الراجح -إن شاء الله تعالى- وبناء عليه، فاعلم أن التكرير صفة ملازمة لحرف الراء، ولا سبيل للتخلص منه، ولكن يجب التحرز من الزيادة فيه، لكن ما دام في المسألة خلاف معتبر، فنرجو أن لا تكون الصلاة باطلة بترك تكرير الراء في حرف من حروف الفاتحة، لكن الأسلم أن يعمل الإنسان بالقول الراجح الذي عليه السواد الأعظم من محققي أهل الأداء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني