الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى: فإن خفتم فرجالا أو ركبانا...

السؤال

حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)
إن خافوا يمكنهم الصلاة على أي حال، كي يذهب عنهم الخوف.
والحائض. هل تستطيع أن تصلي صلاة الخوف؟
وإن كنتُ قد فهمت الآية خطأ، فإني أقصد صلاة ركعتين؛ كي يزول عني الخوف.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر من سؤالك أنك قد فهمت تلك الآية خطأ, فإنها قد وردت في شأن صلاة الخوف المشروعة أثناء الجهاد في سبيل الله تعالى.

قال ابن كثير في تفسيره: وقوله: {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون}. لما أمر تعالى عباده بالمحافظة على الصلوات، والقيام بحدودها، وشدد الأمر بتأكيدها. ذكر الحال التي يشتغل الشخص فيها عن أدائها على الوجه الأكمل، وهي حال القتال والتحام الحرب، فقال: {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا}، أي: فصلوا على أي حال كان، رجالا أو ركبانا: يعني: مستقبلي القبلة وغير مستقبليها. كما قال مالك، عن نافع: أن ابن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف وصفها. ثم قال: فإن كان خوف أشد من ذلك، صلوا رجالا على أقدامهم، أو ركبانا مستقبلي القبلة، أو غير مستقبليها. اهـ.

وراجعي المزيد عن صلاة الخوف، في الفتوى: 14803.

وبهذا يكون سؤالك: "إن خافوا يمكنهم الصلاة على أي حال كي يذهب عنهم الخوف" مبني على الفهم الخاطئ لهذه الآية.

أما عن صلاة ركعتين لعلاج الخوف: فإن طاعة الله ومن أهمها الصلاة من أنجع الأشياء في تحقيق مصالح الدنيا، وقد أمرنا الله تعالى بالاستعانة بالصلاة فقال: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ {البقرة:45}، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر: -أي أهمه وأشغله- فزع إلى الصلاة.

قال العيني في شرح سنن أبي داود: قوله: "إذا حزبه" بفتح الحاء المهملة، وبعدها زاي، وباء موحدة مفتوحة، أي: إذا نزل به مهم وألمّ به، ويستفاد من هذا: أن الرجل إذا نزل به أمر يهمه، يستحب له أن يصلي. انتهى.

وقال المناوي في فيض القدير: {واستعينوا بالصبر والصلاة}، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إليها. والصلاة مجلبة للرزق، حافظة للصحة، دافعة للأذى، مطردة للداء، مقوية للقلب، مفرحة للنفس، مذهبة للكسل، منشطة للجوارح ممدة للقوى، شارحة للصدر، مغذية للروح، منورة للقلب، مبيضة للوجه، حافظة للنعمة دافعة للنقمة، جالبة للبركة، مبعدة للشيطان، مقربة من الرحمن. اهـ.

ولكن الحائض لا تجوز لها الصلاة لأي سبب كان, فهي ممنوعة من الصلاة مطلقا سواء كانت فريضة, أو نافلة.

فقد جاء في صحيح البخاري, وغيره عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم، فذلك نقصان دينها.

قال الشيخ ابن عثيمين في فتح ذي الجلال, والإكرام متحدثا عن فوائد هذا الحديث:
ومنها: أن الحائض لا تصلي نفلا ولا فرضًا, ولا تصوم نفلًا ولا فرضًا, وجهُ ذلك: الإطلاق, والشيء إذا أطلق لا يمكن أن يقيد. اهـ.

وللمزيد عن كيفية علاج الخوف, والقلق، يمكن للسائلة مراسلة قسم الاستشارات في هذا الموقع.

الله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني