الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب الفقهاء فيمن توضأ لما تُسن له الطهارة هل يرتفع حدثه أم لا؟

السؤال

بوركتم، وبوركت جهودكم، ونفعكم هذا العلم يوم تلقون الله -عز وجلّ-. سؤالي عن الوضوء. هل إذا توضأت، وفي نيتي الطهارة لقراءة القرآن لا تصح صلاتي للفرائض بهذا الوضوء؟ وشكرا جزيلا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت تعني قراءة القرآن بدون مس مصحف، فإن الوضوء لقراءة القرآن سنة مستحبة وليس واجبا، وقد اختلف الفقهاء فيمن توضأ لما تُسن له الطهارة وهو محدث هل يرتفع حدثه أم لا؟ ذهب المالكية والشافعية بأنه لا يرتفع ولا يستبيح له ما تشترط له الطهارة كالصلاة، وقد بينا أقوالهم في الفتوى: 94590 ، وذهب الحنابلة في المذهب إلى أن حدثه يرتفع.

قال المرداوي في الإنصاف: قَوْلُهُ {فَإِنْ نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ، أَوْ التَّجْدِيدُ، فَهَلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ} إذَا نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ، كَالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ، فَهَلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ؟ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ الْخِلَافَ ..... إحْدَاهُمَا: يَرْتَفِعُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ... وَالثَّانِيَةُ: لَا يَرْتَفعُ، ... اهــ مختصرا.

ومذهب الحنفية أوسع المذاهب في هذا، فإن النية في الوضوء لا تشترط عندهم أصلا لصحة الصلاة، قال ابن عابدين في حاشيته: الصَّلَاةَ تَصِحُّ عِنْدَنَا بِالْوُضُوءِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَنْوِيًّا، وَإِنَّمَا تُسَنُّ النِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ لِيَكُونَ عِبَادَةً، فَإِنَّهُ بِدُونِهَا لَا يُسَمَّى عِبَادَةً مَأْمُورًا بِهَا كَمَا يَأْتِي وَإِنْ صَحَّتْ بِهِ الصَّلَاةُ. اهــ.
ولا شك أن الأحوط والأبرأ للذمة أن لا تصلي بذلك الوضوء ما دمت نويت به أن تفعل ما تستحب له الطهارة، وَلْتَنْوِ عند الوضوء لقراءة القرآن رفع الحدث حتى تستبيح به الصلاة أيضا، جاء في التاج والإكليل في شرح مختصر خليل عند قول الماتن: وَنِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ الْفَرْضِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ: كَيْفِيَّةُ النِّيَّةِ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ مَا لَا يُسْتَبَاحُ إلَّا بِطَهَارَةٍ أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ الْوُضُوءِ الْبَاجِيُّ: إنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فِعْلٍ بِعَيْنِهِ لَا اسْتِبَاحَةَ جَمِيعِ مَا يُمْنَعُ فَالْمَشْهُورُ إنْ كَانَتْ الطَّهَارَةُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ ذَلِكَ الْمَفْعُولِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني