الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لطالب العلم المبتدئ

السؤال

نريد منكم نصيحة، فأنا أريد أن أتعلم الدِّين الكامل، فأبدأ بحفظ القرآن، ثم الأحاديث، ثم سيرة النبي، ثم التوحيد، ثم الفقه، ونحن في ألمانيا لا يوجد عندنا علماء دِين، فنريد مساعدتكم، وهل عندكم منهج نسير عليه، أو برنامج، أو خطة معينة؟ جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنصيحتنا لكم أولًا ــ بعد الوصية بتقوى الله تعالى ــ هي: إخلاص النية في طلب العلم؛ فإنه أول واجب على طالب العلم، وقد جاء الوعيد الشديد في طلب العلم بنية فاسدة، ففي حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-: أَوَّلُ النَّاسِ يُقْضَى لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ ـ وذكر منهم ــ: وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ، فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ ... الحديث. رواه مسلم، والنسائي، وغيرهما.

جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح عن مُهَنّا: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: حَدِّثْنَا مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ؟ قَالَ: طَلَبُ الْعِلْمِ، قُلْتُ: لِمَنْ؟ قَالَ: لِمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ، قُلْتُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يُصَحِّحُ النِّيَّةَ؟ قَالَ: يَنْوِي يَتَوَاضَعُ فِيهِ، وَيَنْفِي عَنْهُ الْجَهْلَ. اهــ.

والذي نوصي به: ألّا يطلب الطالبُ العلمَ وحده دون مرشد يوجّهه؛ فإن العلم درجات، ومراحل، ورُتب، ولا ينبغي البدء في مرحلة منه إلا بعد الانتهاء من المرحلة التي قبلها، وطالب العلم المبتدئ لا يستطيع معرفة ذلك دون معلم مرشد ناصح، فيدله على منهج متكامل، يراعي مستوى الطالب، والتوازنَ في دراسة العلوم، والتدرجَ في مستويات كل علم، وقد قال ابن عبد البر في كتابه: (جامع بيان العلم وفضله): طَلَبُ الْعِلْمِ دَرَجَاتٌ، وَمَنَاقِلُ، وَرُتَبٌ، لَا يَنْبَغِي تَعَدِّيهَا، وَمَنْ تَعَدَّاهَا جُمْلَةً، فَقَدْ تَعَدَّى سَبِيلَ السَّلَفِ -رَحِمَهُمُ اللَّهُ-، وَمَنْ تَعَدَّى سَبِيلَهُمْ عَامِدًا، ضَلَّ، وَمَنْ تَعَدَّاهُ مُجْتَهِدًا، زَلَّ. انتهى.

وأما منهجية الطلب، فقد سبق أن اصدرنا فتاوى كثيرة عن كيفية طلب العلم ومنهجيته بما يغني عن الإعادة هنا، ونكتفي بإحالتك إليها، فانظر الفتوى:194451 عن كيفية طلب العلم إذا لم يتوفر شيوخ يؤخذ عنهم مشافهة، والفتوى المحال عليها فيها عن طريق العلم الشرعي ووسائل تحصيله، والفتوى: 304021، والفتوى: 243814، والفتاوى المحال عليها فيهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني