الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من ظلمت نفسها وخانت زوجها في عرضه

السؤال

هل يغفر الله للظالم التائب: زوجة ظلمت زوجها في عرضه.
وهل للمظلوم جزاء: الزوج في هذه الحالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجب على من ظلمت نفسها وخانت زوجها في عرضه، أن تتوب إلى الله عز وجل توبة نصوحا، وشروط التوبة مبينة في الفتوى: 29785.

ومن تمام هذه التوبة أن تستسمح زوجها، ولكن لما كان الغالب أن ذلك قد تترتب عليه مفسدة راجحة، اختار بعض أهل العلم الاكتفاء بالدعاء له والاستغفار ونحو ذلك، كما سبق بيانه في الفتوى: 214378.

ومن تاب توبة صادقة، تاب الله عليه، ومغفرة الله عز وجل لا يعظم معها ذنب، فقد دعا الكفار والمشركين والمنافقين إلى التوبة، فإذا تابوا قبل توبتهم، فكيف بغيرهم من العصاة، وهو القائل سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه.

وإذا لم يتب الظالم من ظلمه حتى مات ولم يسامحه المظلوم، كان القصاص يوم القيامة بالحسنات والسيئات، كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها؛ فإنه ليس ثم دينار ولا درهم. من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:« أتدرون ما المفلس»؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: « إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا. فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار».
وإذا تاب الظالم وقبل الله توبته، فإنه سبحانه يرضي المظلوم بما شاء.

قال بدر الدين العيني في عمدة القاري: قوله: فغفر له: أي غفر الله له، فإن قيل حقوق الآدميين لا تسقط بالتوبة، بل لا بد من الاسترضاء. وأجيب بأن الله تعالى إذا قبل توبة عبده، يرضي خصمه. اهـ.
وعلق الحافظ ابن حجر في الفتح على هذا الحديث بقوله: ويحمل على أن الله تعالى إذا قبل توبة القاتل، تكفل برضا خصمه. اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني