الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أثر جهالة الصحابي أو الاختلاف في اسمه على صحة الحديث

السؤال

سؤالي هو: الحديث الذي يكون رجاله ثقات، ولكن اختلف في صحابِيِّه، هل يؤثر ذلك على صحته؟ فعلى سبيل المثال: حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تمد الأرض يوم القيامة مد الأديم"، جاء من طريق علي بن الحسين عن جابر بن عبد الله، وأورده ابن حجر العسقلاني في الفتح، وقال: رجاله ثقات، إلا أنه اختلف على الزهري في صحابِيِّه، فمثل هذا هل يضعِّف الحديث؟ بارك الله في مجهوداتكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمقرر عند أهل العلم أن الصحابة كلهم عدول.

ومن ثَمَّ؛ فإن جهالة الصحابي لا تضر، وكذا الاختلاف في اسمه، لا يضر.

فإذا تيقن أن راوي الخبر من الصحابة، وكان من عدا الصحابي ثقات، فالخبر صحيح، وإن اختلف في اسم الصحابي، أو لم يسمّ أصلًا؛ لما مر من كون الصحابة كلهم عدولًا، وهذا الخبر الذي ذكرته قد رواه علي بن الحسين، عن رجل من أهل العلم.

ومن ثم؛ أوقف الحافظ ابن حجر صحته على كون هذا الذي روى عنه علي بن الحسين صحابيًّا، وعبارته في الفتح: ومن طريق علي بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تُمَدُّ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي فِي الشَّفَاعَةِ، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ، عِبَادُكُ عَبَدُوكَ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ. قَالَ: فَذَلِكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودِ. وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ، إِنْ كَانَ الرَّجُلُ صَحَابِيًّا. انتهى.

قال الحافظ ابن كثير: لا تضر جهالة الصحابي؛ لأنهم كلهم عدول، بخلاف غيرهم. انتهى.

وأورد الحافظ هذا الحديث في موضع آخر، كما ذكرت في سؤالك، وذكر أنه من حديث جابر، وأنه اختلف في صحابِيِّه، وهذا الاختلاف في صحابيه لا يضر؛ ولذا جوّد السيوطي إسناد حديث جابر هذا، كما في الدر المنثور، ولم يلتفت إلى الاختلاف على الزهري في صحابيّ الحديث.

وبه يتبين لك أن القاعدة صحة ما هذه صفته، إن صحت نسبته إلى الصحابي، وإن اختلف في اسمه، أو لم يسمّ أصلًا.

فرواية علي بن الحسين، عن رجل من أهل العلم، يحكم عليها بالضعف؛ لعدم تحقق كون المروي عنه صحابيًّا، والحديث المروي عن جابر يحكم عليه بالصحة، وإن اختلف في صحابِيِّه، فإنه سواء كان الصحابي جابرًا، أم غيره؛ فالصحابة كلهم عدول، كما عرفت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني