الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشترطت السكن المستقل ثم رضيت بالسكن مع ضرتها

السؤال

سألت زوجي منذ حوالي عام: لماذا لا تضع أموالك في البنوك؟ قالي لي إن هذه الأموال لتأمينك في حياتك. وقد توفي زوجي منذ 3 أشهر وهو شاب، ولم ننجب. وأبوه وأمه هما الورثة معي. هل أموال زوجي ميراث للورثة، أم كلمته: لتأمينك، تعني أنه يريدني أن آخذ الأموال؟
* أنا فتاة عشرينية، كأي فتاة أريد الزواج بمن أحب. وقد أحببت شخصا متزوجا يريد التعدد. لقد قبلت الأمر، وزوجته قابلة، وتتكلم معي بشكل عادي. لكن والدي لم يقبلا زواجي منه في الأول. وبعد مرور 3 سنوات من عنادي وتمسكي بالأمر؛ قبلت والدتي التي كانت حاجزا بيني وبين الزواج من هذا الرجل. لكن قبولها كان بشرط، إذا توفرت هذه الشروط نتزوج، وإن لم تتوفر لن يتزوجني أبدا. الشرط هو أن يكتب باسمي بيتا صغيرا على الأقل؛ كي تضمن مستقبلا لي ولأولادي إن تطلقنا، وتضمن لي الراحة النفسية، والراحة التامة مع زوجي بعيدا عن ضرتي. لم تشترط منزلا فخما، ولكن منزلا يسترني أنا وزوجي بعيدا عن ضرتي، وهذا خوفا علي.
الإشكال لا يكمن هنا، الإشكال أننا اتفقنا في الأول يعني أنا وزوجي أنني سأسكن مع ضرتي في بيت واحد، فهو له منزل واسع، كل منا لها غرفتها، ولكن نشترك في مطبخ وصالون واحد. يريدنا أن نعيش معا من أجل الأطفال، لكي يكون عادلا كفاية. لكن أمي لا تعلم بهذا الشيء أي أنها لا تعلم بأنني سأعيش مع ضرتي في بيت واحد، وكأنني أخدع أمي.
ما العمل؟ وهل أخبر أمي بأننا سنتشارك بيتا واحدا؟ وإن تزوجنا بدون علم أمي بأنني سأتشارك بيتا واحد مع ضرتي وزوجي، اختل الشرط.
فما حكم ذلك؟
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأمّ لا ولاية لها في تزويج ابنتها، فالذي يزوج البنت أبوها، ولا ولاية لأحد غيره في تزويجها ما دام أهلاً للولاية.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وأما المرأة الحرة، فأولى الناس بتزويجها أبوها، ولا ولاية لأحد معه. انتهى.
والشروط المعتبرة في الزواج هي الشروط التي تشترطها المرأة الرشيدة، أو وليها على الزوج في العقد، ولم يكن فيها ما يخالف الشرع، أو ينافي مقتضى العقد.
وإذا لم يف الزوج بالشرط، لم يبطل الزواج، ولكن يثبت للزوجة حقّ الفسخ.
وإذا كانت الزوجة بالغة رشيدة، فلها أن تسقط ما شرط لمصلحتها؛ لأنها صاحبة الحق، فإذا أسقطته سقط. ولا يؤثر ذلك في صحة عقد النكاح.

قال الرحيباني في مطالب أولي النهى، عند الكلام عن الشروط في النكاح: فإن أسقطت حقها من الشرط، يسقط مطلقًا، قال في الإنصاف: إنه الصواب. انتهى.
وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ كما في فتاويه ـ عن الزوج الذي اشترط عليه ولي زوجته بقاءها في بلدها، وعدم انتقالها مع زوجها إلى بلد آخر... إلى آخره.
فكان الجواب: إن اشتراط الزوجة، أو وليها على الزوج أن لا يخرجها من دارها، أو من بلدها ، شرط صحيح، لازم، يتعين العمل به؛ لما روى عقبة بن عامر مرفوعًا: إن أحق الشروط أن توفوا به، ما استحللتم به الفروج. رواه الشيخان. وروى الأثرم بإسناده: أن رجلًا تزوج امرأة، وشرط لها دارها، فأراد نقلها، فخاصموه إلى عمر -رضي الله عنه- فقال: لها شرطها. لكن إن رضيت الزوجة بالانتقال معه، فالحق لها، وإذا أسقطته سقط... انتهى.
وعليه؛ فإذا تم العقد على اشتراط أن يكون لك مسكن مستقل مملوك لك، ورضيت بالسكن في بيت واحد مع الزوجة الأخرى؛ فلا يؤثر ذلك على صحة الزواج، ولا حرج عليك، ولا على زوجك حينئذ.
لكن الذي ننصحك به أن تطالبي زوجك بمسكن مستقل، وهذا حقّ لك بغض النظر عن الشرط المذكور.

وننصحك بأن تصارحي أمّك بما اتفقتما عليه، بخصوص السكن، وتتفاهمي معها، وتتشاوري مع أبيك وغيره من الأقارب العقلاء، ثمّ تستخيري الله تعالى قبل الإقدام على ما عزمت عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني