الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعويض من صَوَّر غيره بغير إذنه فقام المُصَوَّر بإتلاف الصور

السؤال

1. ما هو حكم صورة الآدمي الملموسة إذا كانت مخفية داخل خزانة البيت؟
2. كانت لي صور شخصية ملموسة (من سن الطفولة) التقطها بعض أقربائي بآلة التصوير التي كان يملكها، وأخرجها على حسابه (بذل ماله لأجل إخراجها) ووضعها في خزانته (في بيته) ثم بعد حين عثرت عليها أمي، وأخذتها بدون إذن مالكها، وجاءت بها إلى بيتي. فلما عرفت بذلك أشرت عليها أن تحرقها، نظرا إلى الأحاديث التي وردت في هذا الباب؛ فأحرقتها.
هل كنت مصيبا في هذه المشورة؟ وما فعلته أمي هل كان جائزا لها أن تفعله؟ وهل علينا ضمان وطلب العفو؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الذي نرجحه أن التصوير الفوتوغرافي ليس من التصوير المنهي عنه في النصوص، وراجع في هذا الفتاوى: 323254- 121364- 159893.

ووضع الصور الفتوغرافية داخل درج أو خزانة لا حرج فيه؛ إذ الصور المجمع على تحريمها وهي الصور المجسمة الكاملة الأعضاء، لذوات الأروح إنما يحرم نصبها، ولا يحرم وضعها في الخزانات ونحوها، فمن باب أولى عدم التحريم في الصور الفوتوغرافية.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: أما الصورة المطبوعة في كتاب، أو الموضوعة في درج أو خزانة، أو على منضدة، من غير نصب. ففي كلام القليوبي نقلا عن ابن حجر وغيره: يجوز لبس ما عليه صورة الحيوان ودوسه، ووضعه في صندوق أو مغطى.
وفي مختصر المزني ما يدل على قصر التحريم على المنصوب، وذلك في قوله: وصورة ذات روح إن كانت منصوبة. وروى ابن شيبة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لا بأس في حلية السيف، ولا بأس بها (أي بالتماثيل) في سماء البيت (أي السقف)، وإنما يكره منها ما نصب نصبا.

وأصل ذلك مروي عن سالم بن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهم- ففي مسند الإمام أحمد عن ليث بن أبي سليم أنه قال: دخلت على سالم وهو متكئ على وسادة فيها تماثيل طير ووحش، فقلت: أليس يكره هذا؟ قال: لا، إنما يكره منها ما نصب نصبا. اهـ.
وأما السؤال الثاني: فلم نجد بحثا فقهيا للمعاصرين في هذه المسألة، أو فيما يقاربها، لكن إن كانت تلك الصورة التقطت بغير إذن.

فالذي نص عليه جمع من العلماء المعاصرين هو أنه لا يجوز تصوير شخص إلا بإذنه.

قال ابن عثيمين: في شرحه لحديث: من تسمع حديث قوم وهم له كارهون؛ صب في أذنيه الآنك يوم القيامة. أخرجه البخاري: هل يقاس على التسمع النظر؟ الظاهر نعم، فلو أن إنساناً كان بعيداً عن قوم وفي يده منظار، فجعل يوجهه عليهم من أجل أن يراهم، وهم طبعاً يكرهون أن يراهم أحد، قد يكون الإنسان مع زوجته لا يحب أن يطلع عليه أحد. فهذا أيضا مثله، لكن لا أجزم أن عينيه تكحل بالرصاص يوم القيامة؛ لأن العذاب لا يمكن القياس فيه. أما الحكم فنعم، لا شك أن هذا محرم، وأنه من كبائر الذنوب.

وهل مثل ذلك أن يلتقط صورتهم وهم جلوس؟ نعم، وهذا أيضا قد يكون من باب أولى. لأن الصورة تحفظ وتنشر، فيكون البلاء والفتنة أعظم وأكبر.

وعلى هذا، فلا يجوز للإنسان أن يلتقط صورة أحد إلا بإذنه، حتى لو كان يعرف أن هذا الرجل يقول بجواز التقاط الصور، فإنه لا يجوز أن يلتقطه إلا بإذنه، لا سيما إذا كان يعلم أنه يكره أن تلتقط صورته.اهـ. من شرح بلوغ المرام.
فعلى هذا يمكن أن يقال إن لك حقا في صورتك بهذا الاعتبار، لكن يبقى أن ما تكلفه المصور في صنع الصور ينبغي أن يعوض عنه.

فالأسلم والأحوط والأبرأ لذممكم هو تعويض صاحب الصورة عن تكلفة صنع الصورة -وتجتهدون في تقدير ذلك-، أو تطلبوا منه العفو السماح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني