الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب صلة الرحم بالقدر الذي لا يعود بالضرر على الواصل

السؤال

سؤالي بسيط جدًا: هل يجوز قطع صلة الرحم؟
أعلم أن قطع صلة الرحم بشكل كامل ونهائي حرام. ولكني تعبت جدًا من عائلتي الكبيرة، أي عائلة أمي وعائلة أبي.
أمي تعمل كمديرة حسابات، وتدير شؤون إخوتها جميعًا؛ لكي توفر عليهم الأموال التي سينفقونها لو توجهوا إلى مدير حسابات آخر، ولكن الأمر زاد عن حده كثيرًا، فقد بدأ إخوتها يستغلون طيبة قلبها، ويطلبون منها كل صغيرة وكبيرة، بل إنهم بدؤوا يشركونها في أمور لا تخص عملها، كأن تدير شؤون منازلهم، ففي كتب كتاب ابن خالي كانت هي من تحدثت لوالد العروس! وهي من اشترت الهدايا، وهي من نسقت الموعد وغير ذلك من الأمور.
لا أمانع في مساعدتها لهم في إدارة شؤونهم المالية، ولكنني أكره استغلالهم لطيبة قلبها وحسن نيتها. وهذا الوضع ليس جديدًا فمنذ أن كان عمري 8 سنوات، أتذكر أمي تسافر ساعات إلى منزلهم لكي تحل خلافاتهم العائلية في منازلهم! واليوم عمري 18 سنة، وأنا حقًا يئست من هذا الوضع. أشعر أنني خسرت أمي، فلا أذكر طفولة سعيدة مع أمي، ذلك لأنها طول الوقت كانت منهمكة في إدارة شؤونهم من كل النواحي، وقد انشغلت عني وعن إخوتي وباتت تأتي إلى المنزل كل يوم منهمكة، وبالكاد تقيم صلاتها، وتحضر لنا الطعام وتخلد للنوم.
هذا من جهة أمي.
أما من جهة أبي: فإن عماتي ورَّطوها في مبالغ مالية طائلة، وأجبرت على أن تسد ديونا كثيرة، والأنكى من ذلك أنهم بدؤوا يطلبون منها مساعدة مادية!
في البارحة حدثت مشكلة كبيرة في العائلة، وانهمرت أمي بالبكاء على الهاتف لأجل مشكلة عائلية في منزل أخيها، وكان ذلك عندما استنتجت أني أكره كل عائلتي هذه، وأتمنى أنهم لم يكونوا في حياتي من الأساس.
فما إن رأيتها تبكي حتى ذهبت إلى غرفتي، ونمت وأنا أبكي على حالي وحالها.
وهناك العديد من المواقف الثانية التي تعرضت فيها أمي للإهانة من أبناء خالي، وعماتي وأخوالي وكل هؤلاء الأطراف. وكل مرة تقول أمي إنهم يستغلون طيبة قلبها، وسوف توقفهم عند حدهم. وكل هذا كلام. ولكن بعد يوم أو يومين تعود الأمور لمجراها. ويعودون للاتصال بها، وتقوم هي بخدمتهم بحجة أنهم إخوتها، وأن العمل الجيد لا يضيع عند الله سبحانه وتعالى.
ولكن أرى أن حجتها غير مقبولة، ولا تفيد في تصرفها أو تصرفهم هذا.
تعاني أمي من مرض شديد "فيبروميالغيا" ولا يجوز لها أن تعمل أكثر من ساعتين في اليوم، ولكنها تعمل طول اليوم من أجل سداد الديون، وحل المشاكل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فصلة الرحم واجبة، وقطعها حرام، وعلى فرض أنّ بعض الأرحام تحصل منه إساءة أو إيذاء؛ فهذا لا يبيح قطعه بالكلية.

ولكن تجب صلته بالقدر والكيف الذي لا يعود على الواصل بالضرر، وراجعي الفتوى: 228394.
وعليه، فالواجب عليك صلة أرحامك بالمعروف، وإذا كانوا يسيئون إلى أمّك، أو يحملونها فوق طاقتها؛ فانصحيهم، أو وسطي من الأقارب من ينصحهم في ذلك.

وانصحي أمّك أن ترفق بنفسها، مع مراعاة أدب النصيحة ولا سيما للوالدة، واحذري من الإساءة إليها، أو إيذائها. واحرصي على إرضائها والإحسان إليها.
وللفائدة، ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني