الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنازل كل من الزوجين عن ميراثه من الآخر

السؤال

توفيت أمّي قبل سبع سنوات، وتزوج أبي بأخرى، لها ابن وبنت بالغان، ومنذ فترة قصيرة قالت زوجة أبي لأبي إنها تريد أن تكتب كل أملاكها العقارية لأولادها، وهو يكتب كل أملاكه العقارية أيضًا لأولاده، ونحن ابن وابنتان بالغان -في حياتهما-؛ بحجة أنها تخاف على أولادها بعد مماتها من الحياة، وقسوتها، وأن يتم ذلك بشرط أن يحتفظ كل منهما بالأوراق التي تثبت امتلاك الأبناء للعقارات معه إلى أن يموت، ثم تراجع بعد ذلك بين الأبناء، ويتم التوزيع حسب الشرع للذكر مثل حظ الأنثيين، وكل ذلك بهدف ألا يرث أبي من زوجته بعد مماتها من هذه العقارات، ويبقى كل شيء تمتلكه من عقارات لأولادها، ونفس الشيء يحدث مع أبي أيضًا.
وبالفعل حدث أن جهزوا الأوراق المطلوبة، وتم استدعاء أبناء كلا الطرفين، ووقعنا على أوراق توزيع العقارات علينا كأبناء، وقد حاولوا بقدر المستطاع أن يتم توزيعها بطريقة للذكر مثل حظ الأنثيين، وتم احتفاظ كل منهما بالأوراق التي تخصه معه -أقصد أبي، وزوجته-.
السؤال هنا: هل ما تم صحيح شرعًا؟ علمًا أنه كان الهدف الأساس منه ألا يرث أبي في عقارات زوجته الجديدة، وإبراؤها من ذلك، وأن يبقي كل ما تملكه من عقارات لأولادها، ونفس الشيء يحدث مع أبي، علمًا أن المقصود بالأملاك التي تم الاتفاق عليها هي العقارات فقط، وليس أي شيء آخر؛ سواء كان مالًا بالبنك، أو ذهبًا أو أي شيء آخر، فلم يتم الاتفاق إلا على العقارات فقط في هذه العقود، فهل ما تمت كتابته والتوقيع عليه يعد هبة أم وصية أم ميراثًا؟ علمًا أن الأوراق التي تثبت امتلاك الأبناء احتفظ بها الآباء إلى بعد الوفاة.
فنحن -الأبناء من كلا الطرفين- لا نمتلك الآن شيئًا مما تم التوقيع عليه، وهل بذلك أبرأت زوجة أبي نفسها من ميراث أبي، وأبرأ أبي نفسه من ميراث زوجته فعلًا، أم إن ما حدث لا يجوز شرعًا، ولا يجوز لأحد أن يتنازل عن ميراثه؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي تمّ من كتابة العقارات باسم الأولاد إذا كان بشرط عدم انتفاعهم بها، أو تمكينهم من التصرف فيها وهم بالغون إلا بعد موت الوالدين؛ فهو تصرف غير صحيح؛ لأنّ حقيقة هذا التصرف وصية، وليس هبة؛ فالعبرة في العقود بالمعاني والقصود.

والوصية للوارث لا تجوز؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أبو داود.

واعلمي أن التنازل أو التخارج أو البيع للتركة، لا يصحّ، إلا بعد موت المورث، وأمّا في حياته، فكل هذه التصرفات باطلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني