الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعنى الجامع لبرّ الوالدين إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر

السؤال

أبي لا يعترف بأخطائه في الماضي، ولا يريد الحوار مع أفراد العائلة، ويشكّك في شخصياتنا بأن عقولنا مغلقة، ولا نستوعب أفكاره، والأهل -عماتي، وأعمامي- ظلمونا في التعامل، ويستهزئون بنا، وهو لا يدافع عنا، ولا يريد حلّ المشاكل بيننا وبين الأهل، ويتغاضى عنها، أو يعقّدها، ونحن لا نحتمل هذا، فحالتنا المادية ضعيفة، ولدينا دراسة في الجامعة، بالإضافة إلى أن طبع أبي صعب، فهو يصعّب النقاش معه، ولا يعطي وقتًا لطرح الأفكار في أبسط الأمور، كأنه يتنازل عن حقوقه؛ لأنه لا يهتم بنفسه، وبأشيائه الخاصة، وهذا الشي يربكنا ويحزننا، فكيف نبر أبانا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فحقّ الوالد على ولده عظيم، ولا يسقط حقه في البر والمصاحبة بالمعروف بتقصيره، أو إساءته؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا{لقمان:15}.

ولا مانع من النصح للوالد، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، لكن برفق، وأدب، من غير إغلاظ، ولا إساءة؛ فإنّ أمر الوالدين بالمعروف ونهيهما عن المنكر، ليس كأمر ونهي غيرهما، قال ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله-: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ، وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. انتهى من الآداب الشرعية.

واعلم أنّ برّ الوالدين ليس له حد مقدر، أو وسيلة معينة في الشرع، ولكنه باب واسع: من الإحسان إليهما، والحرص على نفعهما، وكف الأذى عنهما، جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ: إيصَالُ مَا أَمْكَنَ مِنْ الْخَيْرِ، وَدَفْعُ مَا أَمْكَنَ مِنْ الشَّرِّ، بِحَسَبِ الطَّاقَةِ. اهـ.

ولذلك فإنّ وسائل البرّ ومراتبه تختلف باختلاف الأحوال.

فنصيحتنا لكم؛ أن تجتهدوا في بر والدكم، والإحسان إليه؛ ابتغاء مرضاة الله، وتصبروا على ذلك، وأبشروا ببركة برّكم به؛ فإنّه من أعظم أسباب رضوان الله، ودخول الجنة، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد. وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة. فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني