الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الابتلاء بالمرض بعد التوبة هل هو عقوبة على الذنوب السابقة؟

السؤال

أنا شابة التزمت بالدِّين، والحمد لله الذي هداني في الثانوية، فلبست الجلباب، وبعدها بأسبوعين اهتدت أمّي ولبست الجلباب، وبعدها اهتدت أخواتي، ولبسن اللباس الشرعي -ولله الحمد-.
أنا -ولله الحمد- مميزة، وطموحة، وناجحة في حياتي.
وبعد هداية الله لي منّ عليّ بأخذ دورة تمهيدية ومتقدمة والإجازة في القرآن الكريم، ورأيت فضل الله عليّ بسبب ذلك.
كان عندي من بعد التوجيهي خيال، أو أحلام يقظة بأني بنت أجنبية مسلمة، ووالدي أجنبي، ونحو هذا الكلام، وأعيش هذه الحياة الطبيعية في الخيال وباهتمام، ولا أعرف هل ذلك حلال أم حرام.
كان عندي ذنب أستغفر الله منه، وكنت أتمنى تركه ولكني أرجع له، فقد كنت أرتكب العادة السرية وقت الدورة الشهرية بشكل عاديّ، وأحيانًا أحاول الامتناع؛ لأني بعد فعلها أحسّ بهمٍّ في قلبي.
وذهبت للعمرة، وتركت العادة ستة أشهر بعدها، مع العلم أني ملتزمة بالدِّين، وأخلاقي يضرب بها المثل، وهذا صحيح، لكن هذا الذنب يلاحقني، فقررت تركه في شهر 3-2019، وتبت لله، وبعدها ذهبت للعمرة في شهر 4 – 2019، ونويت عدم الرجوع للذنب، ودعوت ربي بالثبات.
وبعد عودتي من العمرة اكتشفت أني مصابة بمرض سرطان الثدي، وبدأت العلاج، وأخدت الكيماوي، وعملت عملية استئصال للثدي في 9-2-2020، والحمد لله شفيت، وحاليًّا سآخذ علاجًا بالأشعة للاحتياط، وسآخذ بعدها علاجًا -هرمون كبسول-، وسآخذ من ضمن الهرمون إبرًا لقطع الدورة الشهرية لمدة سنتين -كل شهر إبرة-، وهذا لتثبيط المبايض؛ لمنع رجوع السرطان قطعيًّا -بإذن الله-.
وأنا أثناء المرض علمت عظمة الله، وقدرته، والنعم التي نحن فيها، والكثير، وبالمختصر: عرفت الله، وأثناء المرض التزمت بالصلاة على النبي بأعداد كبيرة، والاستغفار، وقراءة سورة البقرة، وأثناء مرضي وجدت لطف الله العظيم، وهذا خفّف عني الكيماوي، وآلامه، وأعراضه.
السؤال: هل السرطان الذي أصابني بسبب الذنب الذي ارتكبته، والله عاقبني أم هو ابتلاء من الله؟ وبعض الأهل يقولون: حسد، وبعضهم يقول: الله لا يبتلي إلا من يحبّه، لكني أثناء المرض أقنعت نفسي أنه ابتلاء من الله، وأن الله لا يبتلي إلا المؤمن، وأهمّ شيء الصبر، والرضا، والقناعة، والحمد، والشكر، وظلّ عندي يقين بالله بالشفاء؛ حتى رأيت رؤى بحبّ الله لي، وأنني بمكانة ومنزلة طيبة جدًّا عنده، ورؤى بشرب مياه زمزم للشفاء، وغيرها، وحبّ الله لي.
والحمد لله أنا كنت راضية بالمرض، وقوية، ومعنوياتي عالية، وكانت الانتكاسة خفيفة جدًّا، ولكني أحمد الله.
وفي قلبي غصة، فأنا أعلم أنه ابتلاء، لكن أليس من الممكن أنه بسبب ذنبي -العادة السرية- التي تبت منها؟ أرجو أن تجيبوني؛ حتى أترك هذا الصراع الداخلي، ويعمّ السلام في قلبي.
فأنا أحدّث نفسي بأنه ابتلاء بسبب العادة السرية؛ لأني كنت أمسك الثدي، فابتلاني به، وابتلاني بأخذ إبر لتثبيط المبايض. أرجو منكم أن تجيبوني: هل هو ابتلاء أم عقاب أم إن هذا الصراع من الشيطان؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك تمام الشفاء والعافية.

ثم اعلمي أن أحلام اليقظة مما لا ينبغي الاسترسال معه، وإن كان الشخص لا يأثم على ما يدور بقلبه منها.

والذي ينبغي للمسلم أن يحرس خواطره، ويشغل نفسه بالتفكّر فيما ينفعه في أمر دينه ودنياه، وانظري الفتوى: 150491.

وأما ما أصابك من المرض، فقد كان بعد توبتك من هذا الذنب، ومن ثم؛ فهو ليس عقوبة على هذا الذنب -إن شاء الله-، ونسأل الله أن يجعله كفارة لسيئاتك، ورفعة لدرجاتك.

ونغبطك على ما تتلقين به البلاء من الصبر، والتسليم، ونرجو أن يكون هذا كله في موازين حسناتك، وندعو لك بتمام الشفاء، والعافية.

وندعوك إلى الاستمرار في هذا النهج السليم من التسليم لأمر الله، والرضا بحكمه، واستقبال بلائه وامتحانه بالرضا، واليقين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني