الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تحصل الرقية بالقراءة على الماء دون النفث فيه؟

السؤال

أنا بدأت أقرأ الرقية الشرعية على الماء، ولكن لم أنفث فيه؛ خوفا من وباء كورونا؛ ولأن أمي وأخواتي يشربون منه، ولا أحد يستطيع القراءة عليه إلا أنا. فقط أدخلت أصابعي على سلطانية الماء، وقرأت. فهل له نفس تأثير الرقية بالنفث بالماء أم لا؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنما شرعت الرقية بالقراءة في الماء، والنفث فيه لتحصل بركة الريق المخالط لتلاوة آيات الله -عز وجل- في هذا الماء، فيرجى بها حصول الشفاء، وهذا الفعل المسؤول عنه ليس من هذا الباب.

قال الشيخ محمد بن إبراهيم في جواب كتاب: فقد وصل إليَّ كتابك المتضمن السؤال عن النفث في الماء، ثم يسقاه المريض استشفاءً بريق ذلك النافث، وما على لسانه حينئذ من ذكر الله تعالى، أو شيء من الذكر؛ كآية من القرآن ونحو ذلك. فأَقول وبالله التوفيق: لا بأْس بذلك فهو جائز، بل قد صرح العلماء باستحبابه. وبيان حكم هذه المسأَلة مدلول عليه بالنصوص النبوية، وكلام محققي الأَئمة. وهذا نصها: قال البخاري في صحيحه: ((باب النفث في الرقية)) ثم ساق حديث أَبي قتادة أَن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا رَأَى أَحَدكم شيئًا يَكرَهه، فليَنفُث حِين يَستيقِظُ ثلاَثًا، وَيَتَعَوَّذْ مِن شَرِّهَا، فَإنَّهَا لا تَضُرهُ)). وساق حديث عائشة ((أَنَّ النَّبِيَّ -صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ نَفَثَ فِي كَفَّيهِ بِقُل هُوَ اللهُ أَحَد، وَالْمَعوِّذَتَينِ جَمِيعًا، ثُمَّ يَمسَحُ بِهِمَا وَجهَهُ، وَمَا بَلَغَت يَدَاهُ مِن جَسَدِهِ)). وروى حديث أَبي سعيد في الرقية بالفاتحة - ونص رواية مسلم ((فَجَعَلَ يَقرَأُ أُمَّ الْقُرآنِ، وَيَجمَع بزَاقَهُ، وَيَتْفُلُ فَبَرأَ الرَّجلُ)). وذكر البخاري حديث عائشة أَن النبي كان يقول في الرقية: ((بِسم اللهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا، وَرِيْقَةِ بَعْضِنَا، يُشفَى سَقِيْمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا)). وقال النووي: فيه استحباب النفث في الرقية، وقد أَجمعوا على جوازه، واستحبه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وقال البيضاوي: قد شهدت المباحث الطبية على أَن للريق مدخلاً في النضج وتعديل المزاج، وتراب الوطن له تأْثير في حفظ المزاج ودفع الضرر -إلى أَن قال- ثم إن الرقى والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها. وتكلم ابن القيم في ((الهدي)) في حكمة النفث وأَسراره بكلام طويل قال في آخره: وبالجملة فنفس الراقي تقابل تلك النفوس الخبيثة، وتزيد بكيفية نفسه، وتستعين بالرقية، والنفث على إزالة ذلك الأَثر، واستعانته بنفثه كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها. وفي النفس سر آخر، فإنه مما تستعين به الأَرواح الطيبة والخبيثة؛ ولهذا تفعله السحرة، كما يفعله أَهل الإيمان. انتهى

وبه يعلم أن ما فعلته لا يحصل به ما يحصل بالنفث في الماء، كما أن إدخال الأصبع في الماء كبديل عن النفث لم يؤثر عن أحد من السلف فيما نعلم، ومن الممكن أن ترقي المريض بطرق أخرى سوى القراءة، والنفث في الماء؛ بأن تقرأي القرآن عنده بقصد الرقية، وتدعي له، ونحو ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني