الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال

السؤال

ما حكم إعراض الرجل عن المرأة الأجنبية والعكس إعراض المرأة عن الرجل الأجنبي بالكلية، بدواعي الفتنة بحيث لو كلمها أو قال: السلام عليكم، أو سألها عن شيء، تتجاهله وتعرض عنه، وقد يكون هذا الرجل من أقاربها؟
وقعت شخصيا في مثل هذا الموقف: ابنة إحدى خالاتي يُعْرف عنها الالتزام، وفي يوم التقيت بها صدفة في الدرج في المنزل، ونظرت إلي، فقلت: السلام عليكم، كيف الحال. فتجاهلتني ولم تجبني ربما بداعي الخوف من الفتنة.
سؤالي هو عن حكم هذا التصرف: في نظري أنه لا حاجة لمثل هذا الإعراض، وقد يكون من الغلو، وفيه إحراج وإساءة للطرف الآخر.
ولا أعلم حديثا أو آية تنص على التجاهل التام باستثناء حديث عائشة -رضي الله عنها- في حادثة الإفك عندما أتى إليها صفوان بن المعطل السلمي، فسألها فلم تكلمه، ولكن هذه حالة خاصة؛ لأن السيدة عائشة كانت في موقف يدعوها إلى هذا الفعل.
الخلاصة -وسامحوني على الإطالة- أن مثل هذا التجاهل يزعجني، ويجعلني أكره أصحاب هذا التصرف.
أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعند خوف الفتنة يمنع الكلام بين الرجل والشابة الأجنبية، ولو بمجرد إلقاء السلام ورده.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الفقهاء إلى أنه لا يجوز التكلم مع الشابة الأجنبية بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة، وقالوا إن المرأة الأجنبية إذا سلمت على الرجل إن كانت عجوزا رد الرجل عليها لفظا، أما إن كانت شابة يخشى الافتتان بها، أو يخشى افتتانها هي بمن سلم عليها، فالسلام عليها وجواب السلام منها حكمه الكراهة عند المالكية والشافعية والحنابلة، وذكر الحنفية أن الرجل يرد على سلام المرأة في نفسه إن سلمت عليه، وترد هي في نفسها إن سلم عليها، وصرح الشافعية بحرمة ردها عليه. انتهى.
أمّا الكلام والسلام عند الحاجة وأمن الفتنة، فهو جائز؛ فقد ذكر البخاري في صحيحه: "باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال".

قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: والمراد بجوازه، أن يكون عند أمن الفتنة. انتهى.
وإذا لم تكن فتنة، وكان الكلام أو السلام لحاجة؛ فلا يسوغ الامتناع منه، ومن ذلك أن تكون هناك قرابة بين الرجل والمرأة؛ فلا يسوغ لأحدهما ترك ردّ السلام على الآخر؛ لما في ذلك من الهجر والجفاء.
وقد جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: وقد قال الإمام أحمد للذي تشتمه ابنة عمه: إذا لقيتها سلم عليها، اقطع المصارمة. انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني