الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموازنة بين الزواج عن طريق الإنترنت من أجنبي مسلم والزواج من ابن البلد

السؤال

أول مرة أتقدم لهذا الموقع طلبًا للنصيحة والمشورة، ولطالما كنت ألجأ إلى فتاويكم، واستشاراتكم في عدة مواضيع اجتماعية، ودينية.
أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنة، أنهيت دراستي كدكتورة، ولم أوفّق إلى الزواج لحد الآن، وأرجع السبب تارة فيّ، وتارة للنصيب؛ والمتقدمون تارة لا يكونون كما أريد، وتارة لا أكون كما يريدون، مع أنني اتخذت الأسباب بحسب ظني؛ ولطالما كنت أتمنى الزواج من رجل متدين، وصاحب خلق؛ لكي يعينني على دِيني ودنياي، ولطالما تمنيته خارج مدينتي، لعلّ الابتعاد يكسب التركيز في الذات بعيدًا عن هرج المجتمع.
وفي يوم من الأيام لجأت إلى أحد مواقع التعارف على الإنترنت قصد الزواج، وأنا التي كنت ضدها؛ لأنها بالنسبة لي خيال وسراب، وطريقها مشكوك؛ مع العلم أني فتاة لا ينقصني شيء، ولكني ذلك اليوم دخلت صدفة، وقلت: لعل وعسى، فوقعت عيني على شاب أعجبتني ملامحه؛ إذ كان ملتحيًا، وشكله بسيط، وبدأنا بالتكلم بشكل رسمي في موضوع الزواج؛ لأننا موجودون في هذا الموقع لهذا السبب، ولم نتبادل سوى صور الهوية، وارتحت له، خاصة بعد أن خرج من ذلك الموقع بعد موافقتي مباشرة، وما أعجبني فيه أكثر أنه لم يطلب صورة أخرى، ولم يسأل عن أي شيء يخصّ الشكل، فاستغربت كثيرًا، وأعجبني الأمر في نفس الوقت.
وبعدها حجز مباشرة للقدوم إلى بلدي ليخطبني بشكل رسمي، ولم يعارض أهلي، بل رحّبوا بالأمر؛ لأنهم كانوا على دراية أني أبحث، وشاء الله أنه لم يأخذ التأشيرة؛ لأن بلدي يصعب الدخول إليها، فاستأت ذلك اليوم كثيرًا، وبعدها استغفرت، وقلت: عساه خيرًا، وقلت: سوف نلغي أمر هذه الزيجة، لكنه طلب مني أن نذهب نحن إليه، أو أن نتقابل في بلد آخر، ولم يعارض أهلي، خاصة بعدما تحدث إلى أبي، وارتاح له أبي، وقال لي: إنه شاب جيد، ويبدو أنه رجل عكس شباب اليوم، واتفقنا أن نذهب نحن للتعرف إليه، وعلى المكان الذي سوف أعيش فيه، ومنذ ذلك اليوم لا يكلمني إطلاقًا، وأعجبت بذلك؛ لأنني أعلم أنه حرام، ما دام أنه لم يتم بيننا العقد الشرعي.
مشكلتي الآن أنه في هذه الفترة يتقدم لي عرسان كثر، وبالصفات التي كنت أريدها، وفي بلدي، وأخي يطلب مني أن أتزوّج هنا، وأن أخلي هذا الرجل؛ وكل يوم أقرأ عن الزواج المختلط، ويقال: إنه ليس هناك أحسن من الزواج من ابن بلدك؛ ولكني استحييت من نفسي، ومن ربي، وقلت: قبلها لم يتقدم لي أحد، وبعدما وافقت على هذا الشاب، تقدّم الخطاب، فأقول له: لا، بعدما خطط للزواج مني، ورتّب أموره على هذا الأساس، وخطبني من أبي، حتى وإن كانت خطبة عبر الإنترنت.
وساعات أقول: ربما استعجلت باللجوء لهذا النوع من الزواج، وكان عليّ أن أنتظر نصيبي في بلادي، والمحرِج في الأمر أننا لم نستطع البوح بالخطبة؛ لأنها أصلًا شبه خِطبة، وسفرنا إليه يستغرق ثلاثة أشهر، ولا ندري ماذا نقول للخاطبين، ولا للأهل الذين جاؤوا بهم.
وأضيف أن هذا الشاب حديث الإسلام، ولا يعرف العربية، وهو ولد مسلمًا، ولكن بسبب عيشه في بلاد الغرب، ضاع منهم الكثير، وعاد الآن إلى إسلامه، وتاب، حتى أنه هجر أهله؛ لأنه أراد هجر بلاد الغرب، وأردت الزواج منه لعلي أكسب فيه أجرًا، وأنا تائهة، فبماذا تشيرون عليّ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يعينك في أمر دِينك ودنياك، ونوصيك بكثرة الدعاء.

ويبدو أن أمر هذا الشاب معكم ما يزال في مرحلة التعارف والتشاور، وأن الخطبة لم تتم بعد، وهذا يجعل الأمر أهون.

وعلى تقدير تمام الخطبة؛ فإنها مجرد مواعدة بين الطرفين، يحق لأي منهما فسخها متى شاء، كما هو مبين في الفتوى 18857.

فالذي نوصي به التروّي والنظر، فإن وجدت صاحب دِين وخُلُق من أهل بلدك، فنرى أن الأفضل أن تقبلي به زوجًا، وأن يقوم وليّك بالاعتذار بلطف لهذا الشاب؛ فإن الزواج الذي يقوم على مجرد تعارف عبر الإنترنت يغلب أن يكون مصيره الفشل؛ بسبب الجهل بحقيقة حال الخاطب.

هذا بالإضافة إلى أن كون الزوجين من بلدين مختلفين تترتب عليه بعض المحاذير؛ بسبب اختلاف الطبائع، والعادات، ونحو ذلك مما قد يكون سببًا للنزاع في المستقبل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني