الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير آية: "فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ.." ودرجة حديث: "خَدَعَهُمَا مَرَّتَيْنِ.."

السؤال

ما تفسير الآية 190 في سورة الأعراف؟ وهل هذا حديث صحيح: "خَدَعَهُمَا مَرَّتَيْنِ: خَدَعَهُمَا فِي الْجَنَّة، وَخَدَعَهُمَا فِي الْأَرْض"؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الآية التي سألت عنها هي قوله: فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190).

يقول عنها الشيخ السعدي في تفسيره: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا} على وفق ما طلبا، وتمت عليهما النعمة فيه {جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} أي: جعلا لله شركاء في ذلك الولد الذي انفرد الله بإيجاده، والنعمة به، وأقرَّ به أعين والديه، فَعَبَّدَاه لغير الله. إما أن يسمياه بعبد غير الله، كـ "عبد الحارث"، و"عبد العزى"، و"عبد الكعبة"، ونحو ذلك، أو يشركا بالله في العبادة، بعدما منَّ الله عليهما بما منَّ مِن النعم التي لا يحصيها أحد من العباد.

وهذا انتقال من النوع إلى الجنس، فإن أول الكلام في آدم وحواء، ثم انتقل إلى الكلام في الجنس، ولا شك أن هذا موجود في الذرية كثيرًا؛ فلذلك قرّرهم الله على بطلان الشرك، وأنهم في ذلك ظالمون أشد الظلم، سواء كان الشرك في الأقوال، أم في الأفعال؛ فإن الخالق لهم من نفس واحدة، الذي خلق منها زوجها، وجعل لهم من أنفسهم أزواجًا، ثم جعل بينهم من المودة والرحمة ما يسكن بعضهم إلى بعض، ويألفه، ويلتذ به، ثم هداهم إلى ما به تحصل الشهوة، واللذة، والأولاد، والنسل. اهـ.

والذي رجحه بعض علماء التفسير أن الذي جعل الشرك لله تعالى هم ذرية آدم وحواء، وليس آدم وحواء نفسيهما، وراجع التفصيل في الفتوى: 139773.

أما الحديث الذي سألت عنه, فالظاهر أنه ضعيف, مع أنه ورد في كثير من كتب التفسير، كالقرطبي, والطبري, وغيرهما.

فقد جاء في تحقيق كتاب: التَّفْسِير البَسِيْط لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري، وهذا التحقيق قد جاء في شكل رسائل جامعية من منشورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد جاء التعليق على هذا الحديث كما يلي: أخرجه الطبري 9/ 150، وابن أبي حاتم 5/ 1635 بسند جيد عن عبد الرحمن بن زيد، وهو مرسل ضعيف، وعند ابن أبي حاتم: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خدعهما مرتين"). قال زيد بن أسلم: (خدعهما في الجنة، وخدعهما في الأرض). وذكره الثعلبي 6/ 30 ب، والواحدي في "الوسيط" 2/ 283، والبغوي 3/ 313, والسيوطي في "الدر" 3/ 277. اهـ.

وفي تحقيق كتاب: الكشف والبيان للثعلبي لمجموعة من الباحثين في شكل رسائل جامعية, وهو من منشورات دار التفسير في جدة:

الحكم على الإسناد:

ضعيف؛ لأن ابن زيد ضعفوه، وقد أرسله، ولم يسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

التخريج:

أخرجه الطبري في "جامع البيان" 13/ 314 بنحوه، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" 5/ 1635 كلاهما عنه، إلا أن ابن أبي حاتم قال: قال زيد: خدعهما في الجنّة، وخدعهما في الأرض، فجعل هذِه الجملة من كلامه، لا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني