الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة المرأة زوجَها المُعسِر في أمور الاستمتاع

السؤال

أنا متزوجة، وزوجي قد أذلّني كثيرًا، ومنعني من زيارة أهلي، وحرمني من العمل، وكان يهددني بالتعدد، وأنه سوف يطلقني، واتصلت به أمّي، ورجته أن يسمح لي بزيارتهم، وأنهم سوف يتكفلون بتذاكري وبتذاكر أولادي، فرفض، وأصبح لا يرد عليهم، فدعت عليه أمّي أن يذله الله، ويحرمه من النعم، وبعد شهر أخذته الشرطة من البيت بتهمة الإرهاب، ومعه بعض الزملاء، فصدمت من هذا، وذهبت إلى جمعيات رعاية الأم، وأعطوني راتبًا، ونقلوني من منزل ملّكوه لي.
ولأني أمتلك شهادات تعليم قدّمت أوراقي للجامعة لأدرس فيها؛ فقبلوني، وأعطوني راتبًا يصل إلى عشرة آلاف دولار، وقد كان يحصل على ألف دولار في الشهر فقط، ويتفاخر عليّ.
بعدها بستة أشهر زرته، وكانت حالته صعبة؛ فأشفقت عليه، فأقمت له محاميًا، وأخرجته من السجن بكفالتي، وبقوانين منها: ألا يخرج من البيت مطلقًا، وألا يمتلك شيئًا ولو كان دولارًا واحدًا؛ فوافق، ثم أخذته للمنزل وكانت حالته صعبة، فعالجته، وسهرت عليه، ويعلم الله أني كنت أتلذذ بحالته رغم شفقتي عليه، وأتذكر كم كان يذلني، ويضربني، ويسبن،ي يسب وأهلي، ولا يسمح لي بأي شيء، وكان يذل أبي وأمي ويضحك، ويقول: هم فساق، ويتهمني أنني ملعونة.
وإذا مرضت لم يكن يداويني، ويقول: إنه ليس مكلفًا به شرعًا؛ مما اضطرني للاتصال بأهلي؛ ليرسلوا لي مال الدواء، فكان يشتري منه الدواء، ويأخذ الباقي، وإذا غضبت أو خالفته يقول: أنتِ ملعونة.
أصبحت أذهب في الصباح لعملي، وأوقظه لكي يهتم بالأولاد، وأذهب حيث أريد، وأرجع متى ما أريد؛ لأنه لا قوامة له عليّ؛ لأنه لا ينفق عليّ.
وأحيانًا أمتنع إذا دعاني للفراش؛ لأنه لا ينفق عليّ، ويبكي بسبب وضعه -وما زال-.
سبحان الله، كم بكيت أنا وأولادي، وكنت أقبّل رجليه أن يسمح لي أن أزور أمّي، ويرفض، وكأن قلبه من حجر.
لا أنكر لكم أني أحبه، وأشفق عليه، لكني كلما تذكرت الضرب، والشتائم، والجوع الذي كان يعيشني فيه، أستشيط غضبًا.
وأنا الآن التي أهدده إذا غضبت منه، وآمره أن يصمت عني، وإلا رددته للسجن، ورفعت وكالتي عنه.
أنا الآن أنفق عليه، وأشتري له كل ما يحتاج إليه من ملابس، وطعام، ودواء، وأجهزة يحبّها، حتى أني ذهبت للمحكمة وقدمت لهم طلبًا ليسمحوا له بالصلاة في المسجد، والخروج لمدة ساعتين يومًا؛ فسمحوا له.
لكن رغم كل ذلك لم يطلب مني أن أسامحه، وقد طلبت منه مراراً أن يطلب مني المسامحة، لكن الكبر في قلبه يجعله لا يطلب مني السماح، ومن لا يرحم لا يرحم، فهل له قوامة عليّ رغم أنه لا ينفق؟ وأحيانًا أطيعه، وأنا الآن حامل، وأحيانًا أرفض الفراش، فهل أنا ناشز؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد نصّ بعض أهل العلم على أنّ الزوجة إذا رضيت بالمقام مع زوجها الذي لا يقدر على الإنفاق عليها؛ لم تلزمها طاعته في التمكين من الاستمتاع، قال ابن قدامة الحنبلي: إذا رضيت بالمقام مع ذلك ـ عدم الإنفاق ـ، لم يلزمها التمكين من الاستمتاع. انتهى. وقال الشيرازي الشافعي: وإن اختارت المقام بعد الإعسار، لم يلزمها التمكين من الاستمتاع. انتهى.

فعلى قولهم؛ لا تكونين ناشزاً بامتناعك من طاعة زوجك إذا دعاك للفراش.

لكن الذي ننصحك به؛ أن تحسني صحبة زوجك، وتطيعيه في المعروف، وتصفحي عما كان منه قبل ذلك من الإساءة.

واعلمي أنّ أهل العلم اختلفوا في حكم منع الزوج زوجته من زيارة أهلها، والراجح عندنا أن الزوج يأذن لزوجته في زيارة أهلها في حدود العرف، وانظري الفتوى: 110919.

وبخصوص نفقات علاج الزوجة؛ فراجعي الفتوى: 56114.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني