الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بقاء المرأة مع من يشرب البيرة

السؤال

ضاقت بي الدنيا، فقد خُطبت لشاب ذي أخلاق حميدة عن حب، لأكتشف فيما بعد أنه يشرب بالسر، لكنه لا يسكر على الأغلب، وحدثت مشاكل بيننا ليتركه، فيعدني أن يتركه، ثم يرجع، وقد ضحّيت كثيرًا من أجله، وأهله رائعون جدًّا معي، ويحبونني، وفيه صفات طيبة كثيرة، لكن هذا أكبر عيوبه؛ لدرجة أني أصبحت أحس أني سأمرض، وتزوجت منه على أنه تحسن كثيرًا عن ذي قبل، وكان أول الزواج حسنًا، ثم عاد للشرب مرة في الأسبوع، أو مرتين أو ثلاثًا في الشهر، وإذا ما كلمته يكون ملاكًا، ويمر اليوم.
صار عندي قلق شديد، وصرت أشك في كل حركة يعملها أنه يذهب للشرب، وكثرت المشاكل بسبب هذه النقطة، فيعدني، وأغيب عن البيت وأخرج مع صديقة، أو والدته، وأرجع فأجده شرب شيئًا لم يسكره مثل البيرة.
تعبت نفسيتي، وفكرت: لماذا أضحي معه أكثر من ذلك؟ وأهله دائمًا يصلحون بيننا، ويقفون معي، فهم يحبونني كلهم كثيرًا، ويعرفونني جيدًا.
اهتزت ثقتي فيه، وجعلني أتمنى الابتعاد عنه، علمًا أني أنا من يصرف على البيت؛ لأنه لا يشتغل بسبب كورونا.
وأنا -والله- لا أمدح نفسي كذبًا، لكني بنت جميلة جدًّا، ومتعلمة، وأشتغل بمرتب عالٍ شغلًا خاصًّا ملكيًّا، وهو يحكي للكل أنه يحبني، ولا يتخلى عني، لكني صرت أشعر بالعكس، خصوصًا أنه بعد كل مشكلة يقول لي: غير مبسوط معك، وبدأت أفكر جديًّا في الانفصال قبل وجود أولاد.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان ما يشربه زوجك من الشراب من جنس ما يسكر عادة، فله حكم الخمر؛ أسكر، أم لم يسكر، كان هذا الشراب من البيرة، أم من غيرها.

وشرب الخمر كبيرة من كبائر الذنوب، وباب لكثير من الشرور؛ ولذلك سماها الشرع أم الخبائث، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 207094، والفتوى: 20268، هذا أولًا.

ثانيًا: نوصيك بالمزيد من الصبر على زوجك؛ ففي الصبر خير كثير، وراجعي الفتوى: 18103، ففيها بيان فضل الصبر.

ثالثًا: عليك بكثرة الدعاء له بأن يهديه الله عز وجل، ويتوب عليه، ويصلح حاله؛ فالدعاء من خير ما يحقق به المسلم مبتغاه، وربنا قريب مجيب، وهو القائل: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، وانظري آداب الدعاء في الفتوى: 119608.

رابعًا: ينبغي مناصحته برفق، ولِين، وتسليط بعض الفضلاء عليه ممن يرجى أن يسمع لقولهم؛ عسى الله أن ييسر له الانتفاع بنصحهم، والاستجابة لقولهم.

خامسًا: إن لم يستجب، واستمر على شرب الخمر، فخير لك فراقه، ولعل الله يبدلك من هو خير منه، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وإذا ترك الزوج حقًّا لله تعالى، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحبّ لها أن تختلع منه؛ لتركه حقوق الله تعالى. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني