الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاطلاع على إيميل الغير نوع من التجسس

السؤال

أريد معرفة ما علي فعله، وإبراء ذمتي بإذن الله.
كنت أنا وصديقتي قريبتين من بعض كثيراً، وكانت تجمعنا علاقة من فيديوهات غير سوية، وقبلات. وذات مرة من المرات قمت بإنشاء إيميل لصديقتي على الفيسبوك، ولم يكن إيميلها الأساسي، بل كان إيميلا آخر لها.
ومرت الأيام وفتحت هذا الايميل في يوم ما بسبب غضبي وغيرتي دون قصد. وأخبرتها بذلك، وأني قرأت الرسائل، وكان من ضمنها شيء مضى يشبه ما كانت تفعله بعلاقتي بها. ومن ثم اعتذرت، وحاولت مصالحتها. وتوقفت عن فعل ما كنا نفعل سابقاً من كلام عشق.
وأخبرتها بأن دخول الحرام بيننا، ما جعل علاقتنا تنتهي. وطلبت منها التقرب لله.
ولقد ندمت على ما كان بيتي وبينها كثيراً وتبت إلى الله. ومن ثم حدثت فجوة بيننا، شعرت حينها كأنني حينما دخلت الايميل ورأيت ما رأيت أنني السبب في عودتها للطريق السيء، ولم أستطع إلا تذكيرها ونفسي بالله، وأني لا أستحق صداقتها.
أصبحت صداقتنا سطحية بعد قرابة شهر ونصف، لم أعد أتحدث معها وابتعدت، وأغلقت الايميل الذي أعطيتها إياه في السابق بعد ما مسحت تلك الرسائل ولم أخبرها بذلك.
ثم بعد سنة أرادت أن تكون صديقتي من جديد؛ فقبلت. كانت لدي مشاعر تجاهها، لكن في نفسي والله لم أرد أن تعود تلك الأشياء السيئة بيننا، ولكن بقيت فترة ولا أعلم ما حدث لي ومن ثم رحلت.
أريد حكم الشرع فيما فعلت عندما دخلت الايميل وأعطيته لها، ومن ثم أغلقته حتى لا يتسبب بمشاكل لي أو لها؟
وكيف أكفر عن ذنوبي، مع العلم أنني تبت إلى الله، وأتمنى من الله أن يقبلني، ويغفر لي.
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك في خطورة مثل هذه العلاقة بين الفتيات، والتي قد تصل إلى درجة العشق، والوقوع في المحرمات.

فهذا باب من أبواب الشيطان لنشر الفتن والمنكرات، وقد قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ... {الأعراف:27}. وسبق لنا التنبيه على ذلك في بعض الفتاوى، فيمكن مطالعة الفتوى: 8424.

وقد أحسنت بندمك على ما فعلت وتوبتك إلى الله سبحانه، وقطع هذه العلاقة ووضع حد لها، فجزاك الله خيرا، ونسأله سبحانه أن يحفظك ويعافيك من كل شر وبلاء.

ولمزيد الفائدة، نرجو أن تستفيدي من بعض التوجيهات التي ضمناها بعض فتاوانا المتعلقة بالسير على الصراط المستقيم وسبل الوقاية من الفتن، وهي الفتاوى: 12928، 1208، 10800.

ولم يتبين لنا فيما ذكرت ما يثبت قطعا أنك تسببت في رجوع هذه الفتاة للمعصية، والأصل براءة ذمتك حتى يتبين خلاف ذلك.

وبالنسبة للإيميل: فإن دخولك عليه والاطلاع على ما فيه دون إذن صاحبته، أمر لا يجوز؛ فالإيميل محل أسرار الناس ففي الاطلاع عليه دون إذنهم نوع من التجسس، وكونك من قمت بإنشائه لها لا يسوغ لك الدخول فيه بغير إذنها.

وكذلك بالنسبة لحذف الإيميل بالكلية دون إذنها، فإنه لا يجوز، وإن تضمن بعض المواد المنكرة، فالواجب نصحها لحذفها. فإن استجابت؛ فالحمد لله، وإلا كان لك الحق في حذفها ولو لم تأذن لك؛ فتغيير المنكر باليد واجب في حق من قدر عليه من غير أن تترتب عليه مفسدة أعظم.

فتجب عليك التوبة مما قمت به من تصرفات بغير إذنها، وشروط التوبة بيناها في الفتوى: 5450.

ومن تمام التوبة أن تستسمحيها، فإن خشيت أن يترتب على ذلك مفسدة، فيكفيك الدعاء لها بخير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني