الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول: "فلان رب الشر أو الخباثة" كناية عن الخبث والشر

السؤال

هل يجوز قول: "فلان رب الشر، أو فلان رب الخباثة" كناية عن خبثه وشره؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاستعمال اسم الرب لغير الله تعالى، يسوغ إذا كان مضافًا.

وأما على الإطلاق، فلا يصح إلا في حق الله تعالى، كما سبق بيانه في الفتوى: 130421.

وفي حال الإضافة يصح استعمال الرب بحسب المعنى الذي يفهم من الإضافة، فإن صح المعنى، صح الاستعمال، قال الراغب في المفردات: يقال: رَبُّ الدّار، ورَبُّ الفرس، لصاحبهما، وعلى ذلك قول الله تعالى: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ [يوسف:42]، وقوله تعالى: ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ [يوسف:50]، وقوله: قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ [يوسف:23]. اهـ.

وقد سبق لنا بيان معاني كلمة (رب) في الفتوى: 29850.

وعلى ذلك؛ فإذا كان الشخص الذي قيل في حقه ذلك منسوبًا إلى الشر، طاغيًا فيه على غيره، احتمل أن يقال في حقه: فلان رب الشر، لا بمعنى إله الشر، وإنما بمعنى: صاحب الشر، والملازم له، كأنه مالكه، وهذا هو ما عبر عنه السائل بقوله: (كناية عن خبثه وشره).

ومن هذا الاستعمال ما قاله الشاعر أحمد فقيه حسن بن محمد، في أبيات بعثها لوفد الشناقطة المتوجهين لحج بيت الله الحرام، وفيها:

فأنتم بني شنجيط لا شك سادة ... بكم يقتدي ربّ الذكاء ويهتدي.

(الرحلة المعينية لماء العينين بن العتيق ص: 122).

ورب الذكاء أي: صاحبه، ومثل هذا كثير في كلامهم.

وهذا قريب من عبارة: (أبو الشر، وأبو الخير) حيث يقال: أبو الشر، للشرير. وأبو الخير، للخير، كما ذكر الزمخشري، والرازي، وأبو حيان، وغيرهم من المفسرين، في تعليل كنية أبي لهب في سورة المسد.

والمقصود هو بيان الوجه المحتمل لهذا التعبير.

ومع ذلك؛ فتركه أولى وأسلم، والنهي عنه متوَجِّه؛ لأن بعض الناس يخلط بين معنى الرب ومعنى الإله. وللمتكلم في غيره مما استعمله العلماء والأدباء متسع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني