الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما حكم قول: "أنت مثلي الأعلى"؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذا القول يطلق ويراد به: النموذج الذي يقتدى به، ويُتأسى به في جانب معين من جوانب الحياة، وهذا الإطلاق بهذا الاعتبار لا بأس به.

وأما وصف فلان بأن له المثل الأعلى مطلقًا، فهذا لا يجوز؛ لأن المثل الأعلى لا يكون إلا لله تعالى.

وكذا وصف فلان بأنه قدوة مطلقة في جميع شؤون الحياة، فهذا لا ينبغي إلا للرسول صلى الله عليه وسلم القائل فيه ربه: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا {الأحزاب:21}.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين: ما رأي فضيلتكم في قول: "إن فلانًا له المثل الأعلى"، أو" فلان كان المثل الأعلى"؟

فأجاب بقوله: هذا لا يجوز على سبيل الإطلاق، إلا لله سبحانه وتعالى، فهو الذي له المثل الأعلى.

وأما إذا قال: "فلان كان المثل الأعلى في كذا كذا"، وقيَّده، فهذا لا بأس به. انتهى.

وقال الشيخ ابن باز: أما إن أريد من هو المثل الأعلى في المنهج والسيرة، فإنه يفسر بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإنه أكمل الناس هديًا وسيرةً وقولًا وعملًا، وهو المثل الأعلى للمؤمنين في سيرتهم وأعمالهم وجهادهم وصبرهم، وغير ذلك من الأخلاق الفاضلة، كما قال الله سبحانه: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21]، وقال في وصف نبيه صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]، قالت عائشة -رضي الله عنها-: كان خلقه القرآن. والمعنى أنه كان عليه الصلاة والسلام يعمل بأوامر القرآن، وينتهي عن نواهيه، ويتخلق بالأخلاق التي أثنى القرآن على أهلها، ويبتعد عن الأخلاق التي ذم القرآن أهلها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني