الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعاء العبد بأن يجعل الله امرأة متزوجة من نصيبه في الجنة

السؤال

بعد تخرجي تقدمت لطالبة كانت معي فيها؛ وكنت ملتزمًا، وأعي حرمة الاختلاط، فأرسلت لها رسالة بأني أريد التقدم لها، فقالت: عندما تجهز ائت والدي، وتقدمت، ولم يحدث نصيب، فقد أحس والدها بأني متشدد بسبب رأيي في الأغاني، وهي خافت من مرض وراثي عند أخي أن يصيب ذريتنا، وربما لم تكن تبادلني نفس الشعور بنفس المقدار، أو تغير قلبها، فحزنت جدًّا، ومرت ثلاث سنوات، وتزوجت، وأنجبت طفلة، وهي تزوجت وأنجبت طفلًا، ولم أعلم بهذا إلا من منشور عام في الفيس بوك، ولا زال شعوري نحوها كما هو، وأعلى بكثير من زوجتي الحالية، فهل مجرد دعائي أن تكون زوجة لي في الجنة محرم؟ وأرجو متابعة الآراء المختلفة قبل الإجابة؛ فقد بحثت كثيرًا ووجدت: ومنه: فتختار أحسنهم خلقًا، ولكن لا يعلم الحقيقة إلا الله، وقد تكون لغير زوجها، وقد فهمت وجود خلاف، وحتى الرأي الراجح ليس يقينيًّا.
وأنا لا أحسد زوجها، ولا أسعى لتخببيها عليه، وهو أساسًا ما لا أستطيعه، ولا أفكّر فيه؛ لأنه حرام، ولكني أدعو بما قلت، ولا أدعو مطلقًا بشر لهما، ولا بطلاقهما في الدنيا، ولا أتواصل معها، ولن أفعل أي شيء، وإنما أدعو أن تكون زوجة لي في الجنة.
فأنا أدعو وفي نيتي أن يجعلها الله في الجنة من نصيبي، ولو كانت لها المشيئة في الاختيار، فأدعو أن يجعلها الله تختارني زوجًا في الجنة، وأعلم أن كل البشر في الجنة راضون، لكن هذا شعور قلبي، ولم ولن أحوله إلا لدعاء، وأقدّر نعمة زوجتي وابنتي، ولا أظلم زوجتي، بل أراعي ذلك، وأدخل السرور عليها دومًا -بإذن الله-، فهل مجرد دعائي هذا خطأ؟
وفهمت أنه ربما يبدل الله زوجها في الجنة، أو يجعلها تختار، وهو قادر على كل شيء، وقادر على أن يحرك قلبها في الجنة -لا الدنيا- ويجعلها تريد العبد لله زوجًا لها. فإذا كان في الموضوع خلاف فعلًا، وفيه أمل، فوضحوا ذلك لي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمحصل ما اطلعنا عليه من كلام أهل العلم في هذه المسألة هو أن المرأة المتزوجة تكون يوم القيامة في الجنة لزوجها، ولم نطلع على خلاف للعلماء في ذلك.

وهنالك خلاف فيما إذا كانت قد تزوجت بأكثر من زوج، فمنهم من قال: إنها تكون لآخر أزواجها، ومنهم من قال: إنها تكون لأحسنهم خلقًا، وقال آخرون: إنها تخير، وسبق لنا بيان ذلك في الفتوى: 164177.

وأما كونها تكون في الجنة لغير زوجها، فلم نجد قائلًا به، كما أسلفنا.

ولكون المرأة لا تكون في الجنة إلا لزوجها من أهل الدنيا، منعنا أن يدعو آخر بأن تكون زوجة له في الجنة؛ لأن هذا الدعاء يتضمن سؤال الله عز وجل أن يفارقها زوجها، وهذا لا يجوز شرعًا.

ولا ندري من أين لك الفهم بأنه ربما يبدل الله زوجها في الجنة غيرها، أو أنه يجعلها تختار غيره مما لم يكن زوجًا لها في الدنيا.

وأما كون الله على كل شيء قدير، فنعم، وهذا مما لا شك فيه، لكنه لا يفعل خلاف ما وعد به أهل الجنة في كتابه، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فنصيحتنا أن لا تشغل نفسك بالتفكير في أمر مفروغ منه، وأن لا تعذبها بالتفكير فيما لا طائل من ورائه.

فاصرف همّتك إلى ما يعينك على دخول الجنة من صالح الأعمال، وأبواب الخير، ومن ذلك رعاية زوجتك هذه وأولادك منها؛ فإنك إذا دخلت الجنة، أعطاك الله فيها من الأزواج ما يرضيك، ولن تتطلع نفسك إلى هذه الفتاة التي تعلق قلبك بها في الدنيا.

وللعشق علاجه، سبق أن بيناه في الفتوى: 9360.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني