الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما الفرق بين النبي والرسول؟ وهل إسماعيل وصالح من الرسل؟

السؤال

(إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا)،(فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها)، ما الفرق بين النبي والرسول؟ علمًا أن إسماعيل وصالح لم تنزل عليهما رسالة، إنما بلَّغا رسالة من قبلهم من الرسل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن أهل العلم قد اختلفوا في ضابط الفرق بين النبي والرسول، على أقوال كثيرة، جاء في تفسير الألوسي: واختلفوا هنا في تفسير كل منهما، فقيل: الرسول ذكر حر، بعثه الله تعالى بشرع جديد يدعو الناس إليه. والنبي يعمه، ومن بعثه لتقرير شرع سابق، كأنبياء بني إسرائيل، الذين كانوا بين موسى وعيسى -عليهم السلام-.

وقيل: الرسول ذكر حر بعثه الله تعالى إلى قوم بشرع جديد بالنسبة إليهم، وإن لم يكن جديدًا في نفسه، كإسماعيل -عليه السلام-؛ إذ بعث لجرهم أولًا. والنبي يعمه، ومن بعث بشرع غير جديد كذلك.

وقيل: الرسول ذكر حر، له تبليغ في الجملة، وإن كان بيانًا وتفصيلًا لشرع سابق، والنبي من أوحي إليه، ولم يؤمر بتبليغ أصلًا.

وقيل: الرسول من الأنبياء من جمع إلى المعجزة كتابًا منزلًا عليه، والنبي غير الرسول من لا كتاب له.

وقيل: الرسول من له كتاب، أو نسخ في الجملة، والنبي من لا كتاب له، ولا نسخ.

وقيل: الرسول من يأته الملك -عليه السلام- بالوحي يقظة، والنبي يقال له ولمن يوحى إليه في المنام لا غير.

وهذا أغرب الأقوال، ويقتضي أن بعض الأنبياء -عليه السلام- لم يوح إليه إلا منامًا، وهو بعيد، ومثله لا يقال بالرأي. اهـ.

وقد رجحنا في الفتوى: 53449 أن النبي هو من لم يؤمر بالتبليغ، فإن أمر بالتبليغ، فهو رسول ونبي.

وأما قولك: "علمًا أن إسماعيل وصالح لم تنزل عليهما رسالة، إنما بلَّغا رسالة من قبلهم من الرسل؟"

فالظاهر أن مرادك أنهما -عليهما السلام- لم يبعثا بشرع جديد، لكن العبارة التي عبرت بها بقولك: (لم ينزل عليهما رسالة) موهمة.

فأما إسماعيل -عليه السلام-: فقد ذكر جمع من العلماء أنه كان على شريعة أبيه إبراهيم -عليه السلام-، ولم تكن له شريعة جديدة، واستدلوا بهذا على أن الرسول لا يلزم أن يكون مبعوثًا بشرع جديد، قال البيضاوي في تفسيره: (وكان رسولا نبيا) يدل على أن الرسول لا يلزم أن يكون صاحب شريعة، فإن أولاد إبراهيم كانوا على شريعته. اهـ.

وأما صالح -عليه السلام-: فقد ذكر بعض العلماء أنه كان على شريعة نوح -عليه السلام-، جاء في كتاب تاريخ الأنبياء المنسوب للخطيب البغدادي: لم يكن بعد نوح غير هود وصالح، وكانا على شرعة نوح -عليه السلام-، حتى كان إبراهيم -عليه السلام- فنسخ الله تعالى به شريعة نوح. اهـ.

بينما صرح بعض العلماء بأن صالحًا -عليه السلام- له شريعة خاصة، قال الطاهر بن عاشور في تفسير قوله تعالى: ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ {المؤمنون:42}: القرون: الأمم، وهذا كقوله تعالى: وقرونا بين ذلك كثيرًا [الفرقان: 38]، وهم الأمم الذين لم ترسل إليهم رسل، وبقوا على اتباع شريعة نوح، أو شريعة هود، أو شريعة صالح، أو لم يؤمروا بشرع. اهـ.

وفي حاشية القونوي على البيضاوي في تفسير قوله سبحانه: فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا {الشمس:13}: رسول الله، وهو صالح -عليه السلام- بمعنى: نبي الله؛ إذ لا كتاب له، إلا أن يقال له شرعًا جديدًا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني