الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العلاج بالكذب والتدليس لا يتعين سبيلا للعلاج

السؤال

قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله- وهو يتكلم عن الأمور التي ينبغي للطبيب الحاذق أن يراعيها :
" .....والعلاج بالتخييل، فإن لحذاق الأطباء في التخييل أمورا عجيبة لا يصل إليها الدواء، فالطبيب الحاذق يستعين على المرض بكل معين. "
سؤالي هنا : أنا راقٍ، وأغلب الذين يأتون إلي أشخص معاناتهم مجرد أوهام -يعني يتوهمون أنهم مصابون بالمس ونحو ذلك- فأضطر أحيانا إلى استعمال الحيلة لعلاجهم، كأن أضع مثلا بعض المواد في كيس وأعلقه على شجرة، ثم أوهم المريض أني وجدت السحر الذي يعاني منه، وأريه هذا الكيس، ثم أتلفه حتى يقتنع عقله الباطن أنه شفي؛ فيرتاح نفسيا من هذا الوهم، وقد جربت هذا بالمناسبة، ونفع الله به!
فهل يصح شرعا هذا العمل؟ وهل يدخل في باب العلاج بالتخييل الذي ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله؟ وهل يصح أن أستعمل التنويم الإيحائي في مثل هذه الحالات؟
أرجو منكم التفضل علي بالإجابة بالتفصيل، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكر ابن القيم ضمن الأمور العشرين التي يراعيها الطبيب الحاذق: أن يستعمل أنواع العلاجات الطبيعية والإلهية، والعلاج بالتخييل، فإن لحذاق الأطباء في التخييل أمورا عجيبة لا يصل إليها الدواء، فالطبيب الحاذق يستعين على المرض بكل معين. اهـ.
والتخييل هو: الإيحاء والتوجيه النفسي وتعزيز السلوك الإيجابي ونحو ذلك، مما يجلب السكينة والطمأنينة للمريض.

ولذلك ذكر ابن القيم قبل هذا الأمر مباشرة أمرا آخر وثيق الصلة به، وهو: التلطف بالمريض، والرِّفق به، كالتلطُّف بالصبي. اهـ.
وهذا كله يصب في مصب ما يعرف اليوم بالطب النفسي.
وقد نقل الدكتور ممتاز حيزة في كتابه (البحث العلمي الطبي وضوابطه الشرعية) كلام ابن القيم السابق.

وقال: ويقصد بالتخييل الإيحاء، وهذا ما يذكرنا بأهمية التعامل مع المريض وطمأنته، وهو أمر ضروي لدعم أجهزة الوقاية والمناعة في البدن. اهـ.
وقد سبق لنا التنبيه في الفتوى: 346174 على أن العلاج بالإيحاء نوع قديم من أنواع التداوي على اختلاف في تسميته وفي طرقه، ومن حيث الجملة لا حرج فيما يعتمد على التوجيه والإرشاد النفسي الصحيح، وتعزيز السلوك الإيجابي ونحو ذلك. اهـ.
كما سبق لنا في الفتوى: 101320 بيان جواز العلاج بالتنويم الذي يقوم على الإيحاء والممارسات النفسية إذا استخدم فيما هو خير.
وأما الطريقة التي ذكرها السائل، فلا تعتمد على ما سبق، وإنما تعتمد على الكذب والتدليس الذي لا يتعين سبيلا للعلاج، ولا ضرورة إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني