الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل العبادة بنية تفريج الكربات تنافي الإخلاص؟

السؤال

أسأل الله أن يجزيكم كل خير على الفتاوى التي تقدمونها للمسلمين، ويؤتيَكم الثواب في الآخرة على فصلكم للخير عن الباطل، بما أمدكم الله به من علم.
لقد تعرضت لأزمة صحية ومالية، وما زلت تحت تأثير الأزمة إلى هذا اليوم، ولم أكن ملتزمًا دينيًّا قبل حدوث الأزمة التي ضاقت بي، لكني كنت أعلم حدود الله وشرعه، ولم أرتكب المعاصي الكبرى، وكنت مقصرًا في أداء الواجبات الدينية، وبعد مرور قرابة العام على الحادثة التي حلت بي، أيقنت أن لا أحد سواه يستطيع أن ينجيني منها، فالتزمت الصلاة، والعبادة، وقيام الليل، وقراءة القرآن، والاستغفار من الذنوب بنية الفرج، وإخراجي من هذه الضائقة التي حلّت بي؛ إذ أيقنت تمام اليقين أن الله بعث لي هذا الابتلاء لحثي على التقرب له، وشعرت أنني على اقتراب من الفرج، وأن الله لن يتركني، إلا أنه أصبحت تراودني منذ فترة قصيرة الوساوس -أعوذ بالله منها- وأن عبادتي وطاعاتي هي للخروج من الأزمة، وليست خالصة لوجهه تعالى، ومن كلام من المقربين مني، ونعتهم لي بالمرائي أو المنافق، بل إنني إذا أردت إخلاص النية ستكون لأجل الحوائج الدنيوية، وأصبحت أشك في نفسي. وكما ذكرت فقد كانت عبادتي وطاعتي هي يقينًا بقوته، وأنه هو الوحيد الذي يستطيع نجدتي، فهل أكون مرائيًا، أو منافقًا؟ وكيف يكون إخلاص النية الخالصة لله تعالى؟ أفيدوني، ولكم الأجر والثواب.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالحمد لله الذي منّ عليك بالتوبة، وجعل هذا البلاء مقرّبًا إليه، معرّفًا به، ولست -إن شاء الله- منافقًا ولا مرائيًا.

فدعك من كلام الناس، ودعك من الوساوس، واجتهد في طاعة ربك، وأخلص له سبحانه بأن تعبده تنوي التقرب إليه، لا أن يقول الناس شيئًا.

ولا حرج في نيتك أن يفرّج الله عنك ما أنت فيه؛ فإن هذا لا ينافي الإخلاص، ولكن عليك أن توطّن نفسك على الاجتهاد في طاعة الله تعالى أبدًا، والاستمرار في التقرب إليه ما حييت، وأن يكون هذا ديدنك، لا أن يكون أمرًا عارضًا ينتهي بنهاية هذا البلاء.

فإذا كشف الله عنك الضر، فاجعل شكر نعمته تعالى عليك استمرارًا في عبادته، والإقبال عليه، واستعن على ذلك بلزوم الذكر، والدعاء، وصحبة الصالحين، والاجتهاد في تعلم العلم النافع -وفقك الله لما فيه رضاه-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني