الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القول بأن فلانًا أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم في بعض المجالات الدنيوية

السؤال

هل يمكن القول: إن ناسًا أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الميادين؟ فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يجيد الشعر، لكن كان أشخاص في زمنه يجيدون الشعر، فهل يأثم من يقول: إنهم كانوا أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم في الشعر؟ وهل يأثم من يقول: إن فلانًا أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم في ميدان دنيوي؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن النبي صلى الله عليه وسلم هو أفضل الخلق على الإطلاق بالاتفاق، وانظري في بيان هذا الفتاوى: 17527، 40462، 161905.

وأما قولك: (هل يمكن القول أن ناسًا أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الميادين .. أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم في الشعر؟ وهل يأثم من يقول: إن فلانًا أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم في ميدان دنيوي؟).

فإن هذه الإطلاقات قبيحة، ولا تنبغي في حق النبي صلى الله عليه وسلم، ولو فرض أن المعنى المقصود بها صحيح؛ فإن الله قد أثنى الله على نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه لا يقول الشعر، فقال سبحانه: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ {يس:69}، فعدم قرض النبي صلى الله عليه وسلم للشعر هو تشريف له، وتكريم، وتقدير.

وكذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأنهم أعلم بأمر دنياهم، كما في صحيح مسلم: عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وعن ثابت، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بقوم يلقحون، فقال: «لو لم تفعلوا لصلح» قال: فخرج شيصًا، فمر بهم، فقال: «ما لنخلكم؟» قالوا: قلت كذا وكذا، قال: «أنتم أعلم بأمر دنياكم».

لكن القول بأن فلانًا أفضل من النبي في كذا: يجب اجتنابه؛ لما قد يوهمه من التنقص، والغضّ من عظيم مقام النبي صلى الله عليه وسلم.

وإن قصد قائلها الاستخفاف بمقام النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه يكفر بذلك، جاء في شرح الشفا لقاري: وفي الخلاصة: روي عن أبي يوسف أنه قيل بحضرة الخليفة: إن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يحب القرع، فقال رجل: أنا لا أحبه، فأمر أبو يوسف بإحضار النطع والسيف. فقال الرجل: أستغفر الله مما ذكرته، ومن جميع ما يوجب الكفر، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فتركه، ولم يقتله.

وتأويل هذا أنه قال بطريق الاستخفاف، وإلا فالكراهة الطبيعية ليست داخلة تحت الأعمال الاختيارية، ولا يكلف بها أحد في القواعد الشرعية. اهـ

وراجعي الفتوى: 133911، وراجعي في علاج الوسوسة الفتوى: 3086.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني