الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أهدي لها ذهب وردت قيمته مالًا

السؤال

جاءتني هدايا ذهبية عند ولادتي طفلي من قريباتي الكبيرات في السن، ورددت لهنّ قيمة هذه الهدايا مالًا، فهل هذا يجوز؟ وهل أردها بقيمة الذهب عندما جاءني أم بسعره اليوم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيجوز العوض عن الهدايا والمكافأة عليها لمهديها بمثلها، أو بغيرها، فقد روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَيُثِيبُ عَلَيْهَا.

قال الحافظ في فتح الباري: يقبل الهدية ويثيب عليها، أي: يعطي الذي يهدي له بدلها، والمراد بالثواب المجازاة، وأقله ما يساوي قيمة الهدية. اهـ.

والأصل في الهبة أن لا يراد منها العوض، إلا أن يشترط ذلك الواهب، أو يجري به عرف؛ فتكون حينئذ هبة ثواب، قال خليل: وجاز بشرط الثواب، ولزم بتعيينه، وصدق واهب فيه، إن لم يشهد عرف بضده. انتهى.

وهبة الثواب هي: أن يهب شخص لآخر هبة، يرجو عوضها منه، فإن اشترط العوض في عقد الهبة، أو جرى به العرف، كان ذلك لازمًا، ويكون لها أحكام البيع عند كثير من العلماء.

ومن ثم؛ فيجب اجتناب الربا في هبة الثواب، كما يجتنب في البيع؛ فإذا كانت الهدية صنفًا من الأصناف الربوية، كالمال، والطعام، وكان ثوابها بصنف ربوي مثله، فلا بدّ من التماثل، والتقابض في مجلس الهبة، وقد بينّا ذلك بالتفصيل في الفتوى: 395215.

فإذا كانت السائلة قد أهدي لها ذهب، وردت لمن أهدت لها نقودًا -كما هو الظاهر من كلامها-، فقد وقعت في المحذور، وهو ربا النسيئة في مبادلة ربوي بربوي مع اختلاف جنسيهما.

واجتناب هذا المحذور يكون بردك بدل الذهب عرضًا بقيمته، وتكون القيمة يوم قبضك الهبة، جاء في حاشية العدوي على (شرح كفاية الطالب الرباني) معلقًا على كلام ابن أبي زيد في الرسالة: والموهوب للعوض إما أثاب القيمة، أو رد الهبة، فإن فاتت، فعليه قيمتها. قال العدوي: [قوله: فعليه قيمتها] أي: يوم القبض. انتهى. وراجعي الفتوى: 94105.

هذا كله فيما إذا كانت الهبة هبة ثواب.

أما إذا كانت مما لا يراد منها العوض، فلا يلزم السائلة ردّها.

وإذا جازت عليها حينئذ، فلا يشترط أن تكون بمثل قيمة ما أهدي إليها، أو من جنسها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني