الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج من تشعر بعدم الاهتمام بها

السؤال

أنا فتاة عمري 18 عاما، سيئة الحظ جدا جدا في البيت، وفي المدرسة، والدراسة، ومع زميلاتي، ومع أخواتي في البيت، وحتى مع أمي وأبي أشعر أنهم لا يرغبون ولا يهتمون بي أبدا، وهذا الأمر بدأ يؤثر على عبادتي وطاعتي لله عز وجل.
انصحوني ماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعليك أيتها الأخت الكريمة أن تجعلي الهموم كلها هما واحدا، فتقبلي على مرضات ربك تبارك وتعالى، ولا تفكري في غير ما يقربك منه سبحانه. وتحسني معاملة الناس، وتخالقيهم بالخلق الحسن، ابتغاء وجه الله، وطلبا لرضاه تعالى، فإذا أقبلت بقلبك على ربك، وعمرته بالفكرة فيه -سبحانه- لم تبالي بما يكون من الناس من إقبال أو إدبار.

فأصبحي وأمسي والآخرة هي همك ونيتك؛ فإن فعلت ذلك فإنه يأتيك منها ما لا بد من إتيانه، ويجتمع عليك شملك، وتشعرين بالسعادة وراحة البال. وقد جاء في الحديث: من كانت نيته الآخرة جمع الله له شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا راغمة. ومن كانت نيته الدنيا؛ فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له. رواه ابن ماجه من حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه-.

فسعادة الدنيا والآخرة لا تنال إلا بالإقبال على الله تعالى، وأحد أهم السبل لنيل محبة الناس هو الإقبال على الله؛ حتى يحب العبد، فيلقي محبته في الأرض، كما ثبت في الحديث: إن الله تعالى إذا أحب عبدا، دعا جبريل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا؛ فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ قَالَ: ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا، قَالَ: فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ. وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا؛ فَأَبْغِضْهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، قَالَ: ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ فُلَانًا؛ فَأَبْغِضُوهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ. متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-

وعليك بالرضا بما يقسمه الله لك؛ فإن اختيار الله للعبد خير من اختياره لنفسه، واعلمي أن الله أرحم بك من أمك التي ولدتك.

فإذا استحضرت هذا المعنى، رأيت كل ما منه تعالى حسنا جميلا، وخالقي الناس بالخلق الحسن ابتغاء وجه ربك -تعالى- لا طلبا لما عندهم من الثناء والاهتمام، ولا تقصري في شيء من عباداتك؛ فذلك باب شر، وطريق من طرق الشيطان.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني