الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما حكم الدعاء على الولد؟ فزوجي سريع الغضب، وكثير الدعاء على ابني لأتفه الأسباب، مع العلم أن ولدي مراهق، عمره 17 عامًا، وأنا أتحسّر، وأخاف أن يصيبه أذى جراء الدعاء عليه؛ لأنه في كل مرة يقول له: أنت لن تربح، ولن تنال الربح في حياتك.
أرجوكم أجيبوني؛ ليطمئن قلبي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالدعاء على الولد، منهي عنه شرعًا؛ ففي صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم: ...لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم.

فالواجب على زوجك ألا يدعو على ولده، ولكن الصواب أن يدعو له بالخير والصلاح.

وعليه أن يحذر من الغضب، وأن يستعين بالله على التخلّص من شرّه؛ فالغضب مفتاح الشر.

والمرجو من كرم الله تعالى ألا يستجيب دعاء الوالد على ولده ساعة الغضب، كما قال تعالى: وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا {الإسراء:11}، وقال: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ {يونس:11}.

قال ابن كثير: يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ حلمه، ولطفه بعباده أنه لا يستجيب لهم إِذَا دَعَوْا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، أَوْ أَمْوَالِهِمْ، أَوْ أَوْلَادِهِمْ فِي حَالِ ضَجَرِهِمْ وَغَضَبِهِمْ، وَأَنَّهُ يَعْلَمُ منهم عدم القصد بالشر إِلَى إِرَادَةِ ذَلِكَ؛ فَلِهَذَا لَا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ -وَالْحَالَةُ هَذِهِ- لُطْفًا وَرَحْمَةً، كَمَا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ إذا دعوا لأنفسهم، أو لأموالهم، أو لأولادهم بِالْخَيْرِ، وَالْبَرَكَةِ، وَالنَّمَاءِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: "وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ" الآية، أي: لو استجاب لهم كلما دَعَوْهُ بِهِ فِي ذَلِكَ، لَأَهْلَكَهُمْ. وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي الْإِكْثَارُ مِنْ ذَلِكَ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني