الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إخبار المخطوبة بآلام الظهر أو دوالي الخصية أو الأنيميا

السؤال

أنا مقبل على الزواج، ولديّ ألم مزمن أسفل الظهر، وهو يتحسن مع العلاج الطبيعي، لكنه لا يزول؛ وذلك بسبب ديسك أسفل الظهر، وانزلاق في الفقرة بعد الحوض، وقد قال الطبيب: إن الألم سيكون مزمنًا، حتى لو أجريت لي جراحة، فمن الأفضل الاستمرار على العلاجات غير الجراحية، وأنا أعاني من هذه المشكلة منذ خمس سنوات، وتسبب لي ألمًا بسيطًا غير مؤثر على حياتي اليومية، أو على عملي المكتبي.
أما عن الجماع فحسب ما قرأت عنه، وما يتلاءم ما حالتي، فيجب أن يكون بوضعيات معينة، وهذا سبّب لي الخوف من الزواج؛ حيث إنني لا أعلم عن رغبات زوجتي الجنسية في المستقبل، وكذلك عندي دوالي الخصية، وهي تسبب لي ألمًا بسيطًا بعض الأحيان، وكان لديّ أنيميا الفولية، وفد شفيت منها -والحمد لله- قبل 15 سنة، فهل يجب إخبار أهل الزوجة قبل عقد القِران عن هذه الأمراض -وهي غير معدية، وغير وراثية، عدا الأنيميا-، أم إن السكوت عنها هو نوع من أنواع الصبر على البلاء؟ وهل يحق للزوجة طلب الخلع من زوجها للأسباب المرضية غير المعدية، وغير الوراثية المذكورة أعلاه؟ وشكرًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجمهور العلماء على أن العيوب التي يجب بيانها قبل الزواج، والتي تثبت حق الفسخ، هي العيوب التي يتعذّر معها الوطء، أو الأمراض المنفّرة أو المعدية -كالبرص، والجذام، ونحو ذلك-.

وذهب بعض العلماء إلى أن كل عيب يحصل به نفور أحد الزوجين من الآخر، فهو موجب للفسخ، ويجب بيانه عند الخطبة، قال ابن القيم -رحمه الله-: القياس: أن كُلَّ عيب ينفِرُ الزوجُ الآخر منه، ولا يحصُل به مقصودُ النكاح مِن الرحمة، والمودَّة، يُوجبُ الخيارَ. انتهى.

والمفتى به عندنا هو قول الجمهور، وانظر الفتوى: 53843.

وعليه؛ فلا يجب عليك أن تبين لمن تريد زواجها ما تعانيه من آلام الظهر، أو دوالي الخصية، أو الأنيميا التي شفيت منها.

وإذا تزوجت ثم اطّلعت زوجتك على هذه العيوب؛ فليس لها حقّ الفسخ.

لكن يجوز للزوجة إذا لم ترضَ بهذه العيوب؛ أن تخالعك على مال، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة الأمر: أن المرأة إذا كرهت زوجها، لخَلْقه، أو خُلُقه، أو دِينه، أو كبره، أو ضعفه، أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته، جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه؛ لقول الله تعالى: فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به [البقرة:229]. انتهى.

وننبه إلى أنّ المصارحة والوضوح بين الخاطبين، أولى وأفضل، وأقطع للنزاع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني