الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأكل من مال الوالد الذي يعمل محاسبًا في مجزرة تبيع الميتة والمعيبة

السؤال

أبي يعمل في محل جزارة، ويبيعون لحم الذبيحة الكبيرة، وقد تكون معيبة، وقد تكون ميتة، ونقول له: إن هذا حرام، ويجب أن تترك المكان، ولكنه لا يريد؛ لأنه يعاني من أمراض -ضغط، وسكر، وضعف النظر-، وعمره ستون سنة، ولا مجال لعمل آخر، ويقول: إنه لا يبيع للناس، وإنما يعمل في الحسابات فقط، فما الخطوة التي يجب اتخاذها؟ وهل عليَّ ألا آكل من البيت؟ وراتبنا قليل، ولا يكفي لطعامنا، وهل أبي مضطر لهذا العمل؛ لأنه يعول أسرة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الغالب على المحل بيع اللحوم الحلال؛ فنرجو أن يكون عمل أبيك مباحًا، ولو كان هناك غش للزبائن ببيع الهرمة، والمريضة على أنها سليمة؛ ما دام لا يشارك في الغشّ، ولا يعين عليه.

وإذا باعوا ميتة، لم يشارك في شيء منه، ولو في المحاسبة.

لكن عليه أن ينهى أصحاب المحل عن الغشّ، ولا يسكت عن هذا المنكر، وراجعي الفتويين: 57245، 116294.

أمّا إذا كان الغالب على المحل بيع الميتة؛ فلا يجوز له العمل معهم؛ سواء كان عمله في الحسابات، أم في غيرها؛ فبيع الميتة ليس مجرد غش، ولكنّه بيع باطل محرّم لذاته.

لكن إذا كان مضطرًّا؛ لكونه لا يجد ما يكفي حاجاتِه الأصلية، إلا عن طريق هذا العمل؛ فيجوز له أن يعمل فيه؛ حتى يجد سبيلًا آخر مباحًا، وراجعي الفتوى: 237145.

وأمّا عن حكم انتفاعكم بمال أبيكم؛ فهو جائز، لأنّ الراجح عندنا جواز معاملة صاحب المال المختلط، مع الكراهة التي تضعف وتقوى حسب قلة وكثرة الحرام في هذا المال، وراجعي الفتوى: 73957.

وننبه إلى أنّ من كان حريصًا على مرضاة الله، واجتناب سخطه، وكان متوكلًا على الله؛ فسوف يرزقه رزقًا طيبًا، وييّسر له سبل الكسب الحلال، ويكفيه ما أهمّه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:2ـ3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني