الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يباح للأجير أخذ ما يستحقه إذا لم تُحدّد الأجرة وكان صاحب العمل مستغلًّا؟

السؤال

لم أتفق مع صاحب العمل على راتب، وأعمل بجد واجتهاد في مكان العمل، وفي المنزل، وما أعمله أنا يعمله شخصان، أو ثلاثة، وهو لا يُقدِّر ذلك، ويستغل ظروفي وحاجتي للعمل، وعدم توفر فرص عمل في مجالي، فقد بحثت كثيرا، ولم أجد، ولا يعطيني راتبًا أستحقه، فهل أستطيع أن آخذ ما أستحقه دون علمه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن تحديد الأجرة ومعلوميتها شرط لصحة الإجارة.

وحيث لم يتم تحديد الأجرة؛ فإن الإجارة فاسدة.

ويستحق الأجير حينئذ عند جماهير العلماء أجرة مثله -وفق ما جرى به العرف، إن كان مطردًا في تقديرها، وإلا فوفق ما يحدده أهل الخبرة-، وهذا هو الراجح، وقيل: بل لا يستحق شيئًا؛ حملًا لعمله على التبرع، وانظر الفتويين: 51654، 329188.

فالواجب عليك الآن أن تتوقف عن العمل؛ حتى تتعاقد مع صاحب العمل على أجرة محددة.

وأما ما مضى من عمل دون أجرة محددة، فإنك تستحق أجرة المثل -كما تقدم-.

وكل ما ذكرته بقولك: (وأعمل بجد واجتهاد في مكان العمل، وفي المنزل، وما أعمله أنا يعمله شخصان، أو ثلاثة، وهو لا يُقدِّر ذلك، ويستغل ظروفي وحاجتي للعمل، وعدم توفر فرص عمل في مجالي): لا يبيح لك أن تأخذ من مال صاحب العمل فوق الأجرة المتفق عليها، أو زيادة على أجرة المثل فيما مضى من عمل.

وهذه حيل شيطانية، يزيّنها لك؛ ليوقعك في الظلم، وأكل الحرام؛ فاحذر، واعلم أن الله مطلع على السرائر، وأنه سبحانه لا يُخدع، ولا تخفى عليه خافية.

نعم، لو فُرض أن صاحب العمل منعك من أجرتك المتفق عليها معه، أو أجرة المثل لما مضى، وأبى أن يسلّمك إياها، ولم تستطع أخذها منه بالقضاء، أو غيره من الوسائل، فيجوز -عند بعض العلماء- أخذها منه دون علمه، وهذا ما يعرف بمسألة الظفر، وانظر الفتوى: 28871.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني