الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا فتاه أبلغ من العمر 26 عاما، أشعر بحالة شديدة من الملل والضيق، ولا أعرف ما لي، حتى عملي تركته بسبب الإحباط الذي ينتابني، أشعر بأنه لا قيمة لي.
ظللت أدعو الله كثيرا في صلاتي، وأشعر أن الله لا يسمعني، ولا يستجيب دعائي أبدا، لا أعرف ما لي، ولا أعرف ما الشيء الذي إذا فعلته يشعرني بالراحة.
أتمنى أن يستجيب الله دعائي.
وليس هناك موضوع يكتمل معي، لا شغل، ولا أحد يتقدم لي، لا أعرف ما السبب، أشعر بيأس، أتمنى أن أفرح، وربنا يستجيب دعائي، مع العلم أني أصلي، وأقرأ القرآن.
ماذا أفعل؟ وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، ويزيل همّك، ويوفقك لما يحبه ويرضاه.

ووصيتنا لك أن تجتهدي في تحصيل أسباب زيادة الإيمان، وانشراح الصدر، وقد بينا بعضها في الفتاوى: 118940، 26806، 50170. فراجعيها.

ومن أهمّ هذه الأسباب: تجديد التوبة إلى الله، وكثرة الاستغفار، فإنّه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، ففي صحيح مسلم عن أبي ذر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: ... يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدْ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.

قال ابن رجب الحنبلي –رحمه الله- في جامع العلوم والحكم: فَالْمُؤْمِنُ إِذَا أَصَابَهُ فِي الدُّنْيَا بَلَاءٌ، رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ بِاللَّوْمِ، وَدَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ. انتهى.

واعلمي أن العبد إذا دعا بشيء، ولم يتحقّق؛ لم يدل هذا على عدم استجابة دعائه، فاستجابة الدعاء ليست محصورة في تحقق المطلوب، ففي مسند أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ.

كما أن الاستعجال قد يكون من موانع إجابة الدعاء، ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي.
فداومي على الدعاء، ولا تستعجلي، وأبشري خيرا، وأحسني ظنك بربك.

وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني