الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأسباب والمسببات كلها بقدر الله تعالى

السؤال

أريد أن أسأل عن عدة أمور حول موضوع واحد:
1- ما معنى القضاء، والقدر؟ وأرجو أن يشتمل الشرح على ما يستوعبه العقل، مع ضرب أمثلة سهلة الفهم.
2 - ما اللوح المحفوظ؟ وماذا يوجد به؟
3- وما الإرادة الكونية، والإرادة الشرعية؟ مع ضرب الأمثلة.
4- هل أجل الإنسان محدد فعلًا، أم علم الله سابقًا متى يموت هذا الإنسان، فكتب أجله؟ أي أن الله علم أن ذلك يموت بالقتل، فكتب أن ينتهي أجله بهذا السبب. وإذا كان كلامي خطأ، فما فائدة المستشفيات والأدوية ما دامت الآجال مكتوبة؟ وما الحكمة من الصدقات ما دام الأرزاق مكتوبة؟
5- في الكون: الذي يدرس ينجح، والذي يخطط يربح حتمًا -بإذن الله الكوني طبعًا-، وهذا يعني أن 1+1= 2 صحيح، فما معنى: "ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن"؟
6- هل الشر ينقسم لقسمين من يد الإنسان، وقضاء الله؟ فمثلًا يقضي الله أن يمرض هذا بسبب معاصيه دون سبب كوني لهذا المرض؛ لكي يتوب؟
7- هل الفقير فقير بسبب قلة سعيه، والغني غني بسبب جهده؟ أرجو الإجابة عن أسئلتي -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأما القضاء والقدر، فقد بينا الفرق بينهما في الفتوى: 11555.

وأما الفرق بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية؛ فقد بيناه في الفتوى: 104233.

وأما اللوح المحفوظ وما كتب فيه، فقد بيناه في الفتوى: 4390.

ثم اعلم أن كل شيء مخلوق لله تعالى؛ فالأسباب والمسببات كلها بقدر الله تعالى، فمن كتب أنه يموت، كتب الله له ذلك، وكتب سبب ذلك- من قتل أو غيره-.

ووجود المستشفيات ونحوها، هي ذاتها من جملة القدر، ونحن مأمورون بالتداوي، والأخذ بالأسباب الجالبة لما ينفعنا، والدافعة لما يضرنا؛ وفي النهاية لا يكون إلا ما أراده الله، فكل ميسر لما خلق له.

وهكذا يقال في النجاح، وغيره من الأمور، فالله قدّر من ينجح، وقدّر أسباب ذلك، والشخص عليه أن يأخذ بالأسباب لكي ينجح، وكل ميسر لما خلق له، كما أن الشبع مكتوب، ولا بد من الأخذ بأسبابه، وهو الأكل، والأكل الذي هو سبب الشبع أيضًا مكتوب مقدر.

فإذا فهمت هذا؛ زال عنك الإشكال -بإذن الله-.

وقد يأخذ العبد بالأسباب، ثم لا تثمر ثمرتها؛ لأن الله لم يقدّر ذلك؛ ومن ثم نجد كثيرًا ممن يبحثون عن الغنى ويطلبونه في مظانّه، لا ينالونه؛ فالله قد كتب الأرزاق والآجال، وكتبها بأسبابها.

وعلينا أن نأخذ بتلك الأسباب لتحصيل ما ينفعنا، ودفع ما يضرّنا.

وعلينا أن لا نعتمد على تلك الأسباب، بل نتوكل على الله تعالى في جعلها تؤثر؛ لعلمنا أنه سبحانه خالق كل شيء.

وعلينا أن نعلم أنه ما شاء الله كان، أي: ما أراده هو الذي سيحصل، ولا بدّ، وما لم يشأ لم يكن، أي: ما لم يرده، ولم يقدّره؛ فلن يحصل، ولا بدّ؛ فإنه لا راد لحكمه، ولا معقّب لأمره -سبحانه وبحمده-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني