الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل زوجات رسول الله من أهل البيت؟

السؤال

هل زوجات الرسول من أهل البيت؟ وهل الأحاديث تؤخذ عن أهل البيت والصحابة فقط؟ وهل ذلك لأنهم تمّت تزكيتهم، أم إن ذلك بأمر من الوحي؟
وصريح القرآن يصرّح أن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم من أهل البيت، ولكن هناك حديث فيه روايتان في صحيح مسلم رواية تقول بأنهنّ من أهل البيت، ورواية تنفي ذلك، فهل يمكن أن نعدّ هذا الحديث ناسخًا للآيات؟ وأنا أقول: إن الرواية التي تنفي ذلك أقوى، ولها متابعات أكثر، حسب كلام النووي، وقد وفّق بينهما، فقال: "وأما قوله في الرواية الأخرى: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة. قال: وفي الرواية الأخرى: فقلنا: من أهل بيته نساؤه؟ قال: لا، فهاتان الروايتان ظاهرهما التناقض، والمعروف في معظم الروايات في غير مسلم أنه قال: نساؤه لسن من أهل بيته، فتتأوّل الرواية الأولى على أن المراد أنهنّ من أهل بيته الذين يساكنونه، ويعولهم، وأمر باحترامهم وإكرامهم، وسماهم ثقلًا، ووعظ في حقوقهم، وذكّر، فنساؤه داخلات في هذا كلّه، ولا يدخلن فيمن حرم الصدقة، وقد أشار إلى هذا في الرواية الأولى بقوله: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة، فاتفقت الروايتان. انتهى. فهل هناك سبب لنوفّق بين الروايتين، أم إن ذلك مجرد اجتهاد؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلقب (آل البيت) له عدة إطلاقات: فيطلق على من تحرم عليهم الصدقة من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم.

ويطلق على أهله -صلى الله عليه وسلم- عمومًا؛ كزوجاته، وبناته.

ويطلق على أهل العباءة، أو الكساء خاصة.

ودخول زوجاته -صلى الله عليه وسلم- في أهل بيته، جاء نَصًّا في القرآن، في قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب:33].

قال ابن القيم في «جلاء الأفهام»: فدخلن في أهل البيت؛ لأن هذا الخطاب كله في سياق ذكرهنّ، فلا يجوز إخراجهنّ في شيء منه. اهـ. وراجع في ذلك الفتويين: 108816، 9121.

وأما حديث زيد بن أرقم، ففيه اجتهاده -رضي الله عنه-، فيقبل منه ما لا يعارض الآية، ولا سيما وروايات الحديث مختلفة، وقد سبق لنا إيراد طرف من كلام أهل العلم في ذلك، فراجع الفتوى: 108816.

وعلى أية حال، فكلام زيد -رضي الله عنه- ومعناه، فيه كلام طويل متشعّب، وقد سبق لنا بيان ما نراه راجحًا في الفتوى: 27481.

وأما قول السائل: (هل الأحاديث تؤخذ فقط عن أهل البيت والصحابة؟)، فلم يستبن لنا مراده بذلك.

وعلى أية حال؛ فمذهب أهل السنة أن الصحابة كلهم عدول، وروايتهم جميعًا -أهل البيت، وغيرهم- مقبولة، وراجع في ذلك الفتوى: 47533.

وأما من بعد الصحابة؛ فينظر في حالهم من حيث العدالة والضبط، على ما هو مقرر في علم أصول الحديث.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني