الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طريق التوبة والهداية والاستقامة

السؤال

جزاكم الله كل خير، موضوعي أني أعمى القلب، وقلبي يميل إلى الهوى، ولا يرى الحق، ولكني أريد الحق، وأريد أن أكون مع الله، أشعر بأن جدارا على قلبي يمنعني من الهداية.
هل هذا بسبب ذنوبي؟ وكيف الحل؟ هل سيتقبل الله مني -حتى ولو لم أشعر بقربي منه؛ رغم بعدي الشديد-؟
وكيف الحل؟ وأنا وحدي، ومجتمعي كله لا أعرف فيه أحدا يعينني على الصلاح، ولا حتى أهلي.
ما الحل؟ وأنا لا أعرف أين أجد رفقة صالحة، وكيف أطلب العلم؟
أحيانا أتدبر القرآن، وفجأة كأني لم أتدبره أبدا!! أين يذهب هذا؟ كيف السبيل لقلب سليم؟
جزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أن الذنوب تكون حجابا بين المرء، وبين الله تعالى، وقد روى أحمد والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِنَّ العَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ؛ سُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. اهـ

فإذا علمت هذا؛ فعلاج ذلك الداء هو التوبة النصوح إلى الله تعالى، وتبديل السيئات بالحسنات، حتى يزول ذلك الران، ويذهب ذلك الحجاب الذي أوجَدَتْه المعاصي بين العبد، وبين ربه سبحانه.

وطريق تحصيل القلب السليم، وزيادة الإيمان يكون بأمور:

منها: دوام الفكرة في أسماء الرب تعالى، وصفاته، وتدبر القرآن، والإقبال على ذلك بقلب حاضر، وإذا أراد الشيطان أن يحول بينك وبين ذلك، فتعوذ بالله منه، وعد لما كنت عليه من التدبر والاستحضار.

ومنها: دوام الفكرة في الموت، وما بعده من الأهوال العظام، والخطوب الجسام، وزيارة القبور، فإنها تذكِّر الآخرة.

ومنها: صحبة الصالحين، وابحث عنهم بصدق في المساجد، وحلق الذِّكر، ومجالس العلم، وستظفر بهم -إن شاء الله-، وإذا تعذر ذلك؛ فعليك بقراءة سير الصالحين، ومحاولة الاقتداء، والتأسّي بهم. وانظر لذلك كتاب صفة الصفوة لابن الجوزي.

ومنها: لزوم الذكر والدعاء؛ فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء.

ومنها: طلب العلم الشرعي؛ فإنه هو الذي يعرفك حق الله عليك؛ فتؤديه، ويعرفك المناهي؛ فتجتنبها، وسبل طلب العلم كثيرة في هذا الزمان ميسورة -بحمد الله-.

وراجع الفتوى: 304021، والفتوى: 194451.

وأحسن ظنك بالله تعالى، وثق بأنه سيتقبلك، ويعينك، ما دمت مقبلا إليه، حريصا على مرضاته -سبحانه-.

وعليك كلما أذنبت أن تتوب وتستغفر، وكلما وجدت قسوة في قلبك أن تلينه بذكر الله تعالى، فبذكره -سبحانه- تطمئن القلوب، وبتلاوة القرآن بخشوع وتدبر؛ فإنه شفاء لما في الصدور.

نسأل الله أن يثبتنا وإياك على صراطه المستقيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني