الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى: ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير...

السؤال

قرأت قوله تعالى: (ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير.. الآية). لذلك أتَجَنَّبُ الدعاء لنفسي بأي شيءٍ، عدا الجوامع.
إذا كان مفهومي للآية صحيحاً، وهو أن الإنسان يدعو لنفسه بالخير، ولكن هذا الخير سيكون نتيجةً لشرٍّ يحدث له قبل الخير. وقد لاحظت ذلك في حياتي، وأنا أريد الزواج، وأخشى ما أخشى.
فما العمل؟
جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاالذي نص عليه جماهير المفسرين من السلف والخلف في تفسير هذه الآية، هو: أن الإنسان يحمله الضجر في بعض الأحيان على أن يدعو على نفسه أو ولده، أو ماله بالشر. ولو استجاب الله له؛ لهلك بسبب ذلك الدعاء.

قال القرطبي: قوله تعالى: ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير. قال ابن عباس وغيره: هو دعاء الرجل على نفسه وولده عند الضجر بما لا يحب أن يستجاب له: اللهم أهلكه، ونحوه.

دعاءه بالخير: أي كدعائه ربه أن يهب له العافية، فلو استجاب الله دعاءه على نفسه بالشر هلك، لكن بفضله لا يستجيب له في ذلك.

نظيره: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير وقد تقدم. انتهى.

وقال ابن كثير في تفسيره: يخبر -تعالى- عن عجلة الإنسان، ودعائه في بعض الأحيان على نفسه أو ولده، أو ماله بالشر. أي: بالموت أو الهلاك والدمار واللعنة ونحو ذلك. فلو استجاب له ربه لهلك بدعائه، كما قال تعالى: ( ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم ) [ يونس 11 ].

وكذا فسره ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وقد تقدم في الحديث: "لا تدعوا على أنفسكم ولا على أموالكم، أن توافقوا من الله ساعة إجابة يستجيب فيها". وإنما يحمل ابن آدم على ذلك عجلته وقلقه؛ ولهذا قال تعالى: ( وكان الإنسان عجولا ). انتهى.

وعلى هذا؛ فلا يؤخذ من الآية الكريمة التي ذكرت ما تتصوره.

فالعمل أن تدعو الله -تعالى- بتيسير أمور زواجك، وأن يرزقك زوجة صالحة تعينك على طاعة الله تعالى.. ونحو ذلك من خيري الدنيا والآخرة.

والدعاء من أفضل ما يتقرب به إلى الله -تعالى-، بل إنه هو العبادة، كما في سنن الترمذي وأبي داود وابن ماجه من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- وفي رواية: الدعاء مخ العبادة.

قال الإمام ابن بطال في شرحه على البخاري: وقال بعض السلف: لأنا أشد خشيةً أن أحرم الدعاء، من أن أحرم الإجابة، وذلك أن الله تعالى يقول: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر: 60]. فقد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، وهو لا يخلف الميعاد. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني