الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشترط في السفر الذي تقصر فيه الصلاة أن يكون فيه صلة رحم؟

السؤال

سافرت مع أبي وإخوتي في إجازة لمدة ثلاثة أيام، فكنت أصلي صلواتي بطريقة طبيعية؛ حتى أخبرني أبي أنني يجب أن أقصر في الصلاة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه"، فبحثت على الإنترنت، ووجدت أن الأفضل أن أقصر في السفر، ما دام لأهداف منها صلة الرحم، فاعتبرتها صلة رحم؛ لأننا لا نرى أبي كثيرًا؛ بسبب سفره للعمل، وهو غير مقيم معنا بسبب طلاقه هو وأمي، كما أن أخواتي متزوجات، ولسن مقيمات معي، وعندما رجعت سمعت أحد المشايخ يقول: إن ما تحب أن تصله، لا يعد صلة رحم، ولكن ما يشق عليك أن تصله، هو صلة الرحم، فما حكم صلاتي بالقصر في تلك الرحلة؟ وهل يعدّ هذا صلة رحم فعلًا؟ وهل عليَّ إعادة صلواتي التي قصرتها؟
أرجو إجابة مفصلة؛ لأنني -والحمد لله- مصابة بالوسواس القهري، وأشك في أشياء كثيرة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمسافر سفرًا مباحًا، يجوز له قصر الصلاة الرباعية اتفاقًا، وإن وقع الخلاف بين أهل العلم في تحديد مسافة القصر، وتحديد مدة السفر التي تقصر فيها الصلاة.

والذي يترجّح من أقوالهم أن من سافر مسيرة أربعة برد -وهو بالكيلو متر: ثلاثة وثمانون كيلو مترًا تقريبًا-، جاز له أن يأخذ برخص السفر.

وإذا كانت المسافة التي سافرت إليها كما ذكرنا، فما قمت به من قصر الصلاة يعتبر سنة، وهو داخل في معنى حديث: إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه. هذا لفظ الحديث، وقد رواه الإمام أحمد، والبيهقي عن ابن عمر، وقد قال ابن حجر في فتح الباري: القصر للمسافر أفضل من الإتمام. انتهى.

وأما بخصوص مدة القصر: فهي ما دون أربعة أيام، على الراجح، فإذا وصلتم مكانًا تنوون أن تقيموا به دون أربعة أيام تامة، فهنا يباح لكم القصر، وقد بينا خلاف العلماء في المدة المبيحة للترخص برخص السفر والراجح، وذلك في الفتوى: 115280.

وعليه؛ فإن صلاتك بالقصر في تلك الرحلة صحيحة، ولا يشترط في القصر والجمع في السفر، أن يكون فيه صلة رحم، بل المعتبر أن يكون مباحًا فحسب، لا سفر معصية.

وسفرك مع أبيك تطييبًا لخاطره، وتقرّبًا منه، يعتبر من البِرّ، وصلة الرحم.

ونوصيك بالإعراض عن الشكوك، والاسترسال معها، وعدم الالتفات إليها؛ خشية أن تتحول إلى وسوسة، وللفائدة، انظري الفتوى: 51601.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني