الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العدل بين الزوجات في النزهات والساعات التي يقضيها مع كل واحدة

السؤال

تزوجت من رجل متزوج يكبرني بعشرين سنة، ولديه ستة أولاد، وهو لا يعدل، فيقسم بيننا يومًا بيوم، ولكنه يأتي إليَّ في الساعة الثانية، فيتناول الغداء، ويشاهد التلفاز، وينام، ويخرج في الساعة السادسة ليرى أولاده، ولا أراه بعدها، إلا أنه أحيانا يعود مبكرًا في التاسعة، وأراه ساعة فقط وهو جالس على التلفاز، ثم ننام، وينتهي اليوم.
وفي اليوم الآخر لا يمرّ على بيتي، ولا يتصل إلا إذا سنحت له الفرصة، فهو في يومهم لا يخرج من البيت، ولا يبتعد عنهم؛ لدرجة أنه لا يستطيع الاتصال، والسؤال عنا.
أنا أشعر بالظلم، ولا أشعر أن لديَّ زوجًا؛ حتى أني لا أستطيع الاتصال به؛ لأنه لا يرد، وكلما طلبت منه أن يبقى معي في بيتنا في يومي يضجر مني، ويقول: حقك المبيت فقط، وأنت نكدية، وتحبين إثارة المشاكل دائمًا على هذا الموضوع، وأولادي هناك، وأنت لديك طفلة صغيرة فقط.
وأنا أفكّر في الطلاق؛ فأنا لا أحتمل هذه الحياة، وكأنه ليس لديَّ زوج، وكل ما أطلبه يوم لي، وهو حقي الشرعي.
علما أنني عندما أطلب الخروج، أو الذهاب في رحلة، يرفض؛ بحجة أنه يجب أن يمرّ على أولاده، وإذا أردت الخروج، فنذهب ساعتين فقط -من الثانية إلى الرابعة-، وهم في يومهم يقضونه بالكامل، ويخرجون في أيِّ وقت يريدون، فهل يجوز هذا الفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن حقك على زوجك أن يعاشرك بالمعروف؛ امتثالًا للأمر الإلهي في قوله سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، قال الجصاص: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف: أن يوفيها حقها من المهر، والنفقة، والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). اهـ.

وما ذكرت عن زوجك من الجفاء، وعدم المؤانسة، ونحو ذلك؛ نوع من سوء العشرة.

ويجب عليه أن يعدل بينك وبين زوجته الأخرى في القسم في المبيت، وعماد ذلك الليل، ويدخل النهار تبعًا له، كما سبق بيانه في الفتوى: 281857، والفتوى 228181، وقد أوضحنا فيهما ما يبيح للزوج الخروج من عند صاحبة النوبة في النهار، أو في الليل.

فمن حقك عليه أن يبقى معك في ليلتك، ولا يخرج، إلا لما تجري به العادة، فلا يصحّ ما ذكره زوجك من أن حقّك المبيت فقط.

ووصفه لك بأنك نكدية تحبين إثارة المشاكل: إن قصد به مطالبتك بحقك في بقائه معك في البيت في نوبتك، فكلامه هذا ليس في محله؛ فمن حقك المطالبة بحقك الشرعي.

وينبغي لزوجك أن يتحفك وطفلتك بالخروج في رحلات ترفيهية، كما يفعل مع زوجته الأخرى وأولادها، فمثل هذه الأمور -وإن كانت مما لا يجب العدل فيها-، إلا أنه لو فعل كان أفضل؛ لأنه أدعى لاكتساب المودة، وقوة الألفة، وحسن العشرة، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 191199.

وإذا كنت متضررة من بقائك مع زوجك، فلك الحق في طلب الطلاق للضرر، ولكن الطلاق قد لا يكون الحل دائمًا؛ فينبغي الصبر، والمناصحة، وكثرة دعاء الله سبحانه أن يصلح الحال بينك وبين زوجك، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.

وراجعي الفتوى: 119608؛ ففيها بيان آداب الدعاء، وأسباب إجابته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني