الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من الهجر عدم دعوة الصديقة إلى العرس والحرص على الابتعاد عنها؟

السؤال

كانت لي صديقة من الطفولة، ولكن بعد دخولنا الجامعة افترقنا، وحدثت مواقف جعلتني لا أرتاح للتعامل معها، ولا أحبّ مرافقتها، كأن تقول لي: فلان قال عنكِ: أنكِ لم تعودي جميلة كما كنتِ، أو أن تتعمّد أن تكشف في تعليق على الفيسبوك عن رسوبي بمادة في الجامعة؛ لأنني لم أردّ على رسالتها، أو تقول لي: إنها لم تعلمني بخطبتها؛ لأنه كانت لديها أشياء أهم من إخباري، كفستان الخطبة، وأشياء أخرى يمكن أن تبدو صغيرة، لكنها كوّنت تراكمات لديّ، جعلتني لا أحبّ أن أحدثها؛ لأني في كل مرة أحاول تناسي ما يحدث، تقوم بعمل شيء جديد ينغّص عليّ تفكيري، ويذكّرني بما فعلته معي، ويشهد الله أني مع ذلك لم أتمنَّ لها السوء أبدًا، بل كنت أقف معها إذا علمت أنها بحاجة لمساعدة، لكني الآن أصبحت لا أقدر على بذل أي نوع من المشاعر تجاهها.
وآخر مرة حاولت فيها أن أصلح بيننا، رتّبنا مقابلة وتصالحنا، لكني وجدت نفسي غير مرتاحة بعدها، ولن أستطيع تحمّل موقف آخر معها، فلم أدعُها على عرس أخي، واتّخذت ذلك بداية لقطع علاقتي بها، فهل هذا يعدّ هجرًا محرمًا؟ مع العلم أنها ترمي بكلام عني في منشوراتها، ولكني أتجاهله؛ حتى لا أقع في جدال محرم، ويشًهد الله أني سامحتها أمامه، ولا أحمل في قلبي سوءًا لها، ولكني لا أريدها في حياتي مرة أخرى.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فبما أنك قد صالحتها؛ فقد يكون هذا الصلح مفتاحًا لأبواب الخير معها، فاتركي لهذا الصلح موضعًا، وأحسني الظن بها، مع الحذر منها.

واعملي على مناصحتها برفق، ولين، وإن أساءت، فقابلي إساءتها بالإحسان؛ فإن هذا قد يكون جالبًا للمودة بينكما، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}، قال ابن كثير في تفسيره: ادفع بالتي هي أحسن؛ أي: من أساء إليك، فادفعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر -رضي الله عنه-: ما عاقبتَ من عصى الله فيك، بمثل أن تطيع الله فيه.

وقوله: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم؛ وهو الصديق، أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك، قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك، ومحبتك، والحنوّ عليك؛ حتى يصير كأنه ولي لك حميم؛ أي: قريب إليك من الشفقة عليك، والإحسان إليك. اهـ.

ومجرد عدم دعوتها إلى عرس أخيك، والحرص على الابتعاد عنها، لا يعد هجرًا ما دمت حين ترينها تسلّمين عليها.

وراجعي الفتوى: 139589، والفتوى: 270139.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني